لوجوب المقدّمة من حيث عدم تعلّق الخطاب بها أصالة ، أو من حيث أصالة (١) استحقاق الذمّ بتركها أصلا ليتّجه مثله في الجزء ، أو لينتقض دليلها به ، بل (٢) لعدم ثبوت تناول الخطاب بها بوجه من الوجوه.
وعدم تحقّق كون تركها سببا للذمّ عليه ـ وإن قارنه استحقاق الذمّ على ترك الواجب الموقوف عليها كما في كلام بعض شرّاح التهذيب ـ ضعيف في هذا المقام جدّا ، وما نقله عن المواقف غير صحيح.
الثاني : تعلّق هذه المسألة بالفروع العمليّة على تقرير الخلاف بالوجه الأخير ظاهر لا شبهة به ، وأمّا على النمط المشهور فقد يظهر فائدة الخلاف في المشتبهات المشروطة بالنيّة كالصلاة في الثوبين المشتبهين ، فإنّ بعض الأصحاب منع منه وأوجب الصلاة عاريا مستدلّا باعتبار النيّة وعدم إمكان الجزم هنا مجيبا عن تحقّق الجزم بعد الفراغ منها ، بأنّ وجوه الأفعال يجب مقارنتها لأوّلها ، ولا يجوز تأخّرها عنها.
ولا ريب أنّ هذا الاستدلال إنّما يصحّ على القول بعدم وجوب المقدّمة ، أمّا على القول بوجوبها ، فالجزم بالوجوب متحقّق ، وإن لم يتميّز منعه (٣) من الأصل وغيره ، وليس ذلك شرطا في الصحّة قطعا وإن كان الجواب عن الاستدلال ممكنا بوجه آخر (٤) ، وكذا يتفرّع على المسألة المذكورة نيّة الوجوب الجازم في قضاء مجهولة التعيين ، وفي الصلاة إلى أربع جهات ، وكذا يتفرّع عليه وصف المشتبهة بالأجنبيّة بالتحريم على القول بالتصويب ، ونحو ذلك ممّا لا يخفى على الفطن في تصانيف كتب الفقه.
ويمكن أيضا تفريع بعض المسائل اللفظيّة كما لو نذر شغل الزمان بواجب ، أو علّق
__________________
(١) ألف وب : ـ أصالة.
(٢) ألف : ـ بل.
(٣) كذا.
(٤) حاشية الأصل : « وهو منع وجوب الجزم في النيّة مطلقا ، بل إنّما ذلك ممّا يمكن فيه الجزم وهاهنا لا يمكن ».