وأمّا الفروع التي تجدّدت حال الغيبة ووقع الخلاف فيها ، فالرجوع فيها إلى ما ساق إليه الدليل من الكتاب والسنّة وغيرهما من الأدلّة المعتبرة شرعا ، لا إلى مثل هذه الدعاوي العارية عن البرهان.
وهذا ذرء من المقال في هذا المقام ، وبقي الباقي في الخيال ، فتنبّه له ولا تكن ممّن يعرف الحقّ بالرجال فيقع في مهاوي الضلال. (١)
انتهى كلام الشهيد الثاني قدسسره.
ولا يخفى أنّه في غاية الجودة والتحقيق.
إذا عرفت هذا علمت أنّ المعتبر من الإجماع هو القسم الأوّل ، وأوّل قسمي الثاني ، وأنّ الثالث لا يمكن الاعتماد عليه ولا الاستدلال به ، بل يجب الرجوع إلى النصوص المرويّة عنهم عليهمالسلام.
وممّا يدلّ على بطلان الإجماع بالمعنى المشهور عند الاصوليّين أنّهم قد اعترفوا بأنّ حجّيّته مبنيّة على الظواهر ، وأنّ حجّيّة الظواهر مبنيّة عليه. وذلك دور واضح.
وقد صرّح بنحو ذلك في الشرح العضدي.
وقد استدلّوا عليه أيضا بالإجماع على تخطئة مخالف الإجماع. وهو كما ترى في غاية الضعف ، ووجّهوه بتوجيه ذكروه هناك لا يليق نقله. (٢)
وأوردوا عليه نقضا إجماع الفلاسفة على قدم العالم ، وإجماع اليهود على أن لا نبيّ بعد موسى ، وإجماع النصارى على أنّ عيسى قد قتل. ثمّ أجابوا أيضا بوجه ضعيف جدّا لا يخفى ضعفه على من نظره ، ثمّ قالوا : التمسّك بالظواهر إنّما ثبت بالإجماع ، ولولاه لوجب العمل بالأدلّة المانعة من اتّباع الظنّ.
وما ذكرناه هنا يظهر من مراجعة الكتاب المذكور. ولا يخفى ورود الدور ولزومه لهم في موضعين من كلامهم هنا ، مضافا إلى عدم ظهور دليل قطعي
__________________
(١) رسالة في صلاة الجمعة ( رسائل الشهيد الثاني ) ج ١ ، ص ٢٣٢ ـ ٢٣٥.
(٢) شرح مختصر المنتهى للعضدي ، ص ١٢٥ ـ ١٢٦.