« واعلموا أنّه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى ولا رأي ولا مقاييس ، قد أنزل الله القرآن وجعل فيه تبيان كلّ شيء ، وجعل للقرآن ولتعلّم (١) القرآن أهلا ، وهم أهل الذكر الذين أمر الله هذه الامّة بسؤالهم [ ... ] وهم الذين لا يرغب عنهم وعن مسألتهم وعن علمهم الذي أكرمهم الله به وجعله عندهم إلّا من سبق عليه في علم الله الشقاء [ في أصل الخلق تحت الأظلّة ] فاولئك الذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر ، واولئك الذين يأخذون بأهوائهم وآرائهم ومقاييسهم » .
ثمّ قال : « وقد عهد إليهم رسول الله صلىاللهعليهوآله قبل موته ، فقالوا : نحن بعد ما قبض الله رسوله يسعنا أن نأخذ بما اجتمع عليه رأي الناس بعد ما قبض الله رسوله ، وبعد عهده الذي عهد إلينا ، وأمرنا به مخالفا لله ولرسوله ، فما أحد أجرأ [ على الله ] ولا أبين ضلالة ممّن أخذ بذلك وزعم أنّ ذلك يسعه ، والله أنّ لله على خلقه أن يتّبعوه ويطيعوا أوامره في حياة محمّد صلىاللهعليهوآله وبعد موته » إلى أن قال : « واتّبعوا آثار رسول الله صلىاللهعليهوآله وسنّته فخذوا بها ، ولا تتّبعوا أهواءكم وآراءكم فتضلّوا ، فإنّ أضلّ الناس عند الله من اتّبع رأيه وهواه بغير هدى من الله » .
ثمّ قال : « أيّتها العصابة الحافظ الله لهم أمرهم عليكم بآثار رسول الله وسنّته وآثار الأئمّة الهداة من أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله من بعده وسنّتهم ، فإنّه من أخذ بذلك فقد اهتدى ، ومن ترك ذلك ورغب عنه ضلّ ؛ لأنّهم هم الذين أمر الله تعالى بطاعتهم وولايتهم » . (٢)
أقول : في هذا الحديث الشريف كما ترى دلالة على عدم حجّيّة الإجماع المبنيّ على بعض الاستنباطات الظنّيّة ، أو الآراء (٣) والاعتبارات العقليّة ، وعلى أنّه يجب العمل بقول المعصوم خاصّة ، وأنّ من لم يفعل ذلك فهو ضالّ ؛ وهذا هو القسم الثاني من الإجماع ، وهو الذي ذكرنا أنّه لا يجوز العمل به. وفيه تصريح بصحّة طريقة
__________________
(١) الف : ولعلم. ب : وتعلّم.
(٢) الكافي ، ج ٨ ، ص ٢ ، ح ١ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ص ٣٧ ، ح ٣٣١٥٢.
(٣) الف : والآراء.