ـ كما في النصّ ـ وقع من الأئمّة عليهمالسلام (١) لكونه أبقى لنا ولهم من جهة اقتضاء الاتّفاق (٢) التصلّب في المذهب الموجب لشدّة اهتمامهم على الإيذاء والدفع ، واقتضاء الاختلاف اعتقادهم سخافة مذهبنا وعدم الاعتناء بشأننا وترك إيذائنا ، فيكون ما وافقهم لكونه مقتضيا لترك إيذائنا واردا من جهة الاتّقاء أو التقيّة والمصلحة ، وما خالفهم لبيان الحكم الواقعي ولو على وجه المظنّة.
ومنها : موافقة الاعتبار العقلي من جهة القياس أو الاستحسان أو المصالح المرسلة ، فإنّ عدم حجّيّتها على وجه الاستقلال بضرورة المذهب ونحوها لا يستلزم عدم كونها من المرجّحات ؛ لكون الظنّ الحاصل من الدليل الموافق للاعتبار العقلي حجّة لعموم الدليل العقلي الدالّ على حجّيّة المظنّة في الأحكام الشرعيّة الفرعيّة ، كما حقّق في محلّه.
ورابعا : أنّ الأخبار المتعارضة إذا كانت مع ترجيح بعض على الوجه المعتبر ، يعمل بالراجح ، ويجوز صرف المرجوح إلى ما يناسبه بالجمع التبرّعي ، كما هو ديدن الشيخ الطوسي كثيرا ما.
وأمّا عند عدم الترجيح وإمكان الجمع بالتصرّف في موضوع الحكم ـ كحمل العام على الخاصّ أو في نفس الحكم كحمل ما دلّ على الوجوب على الاستحباب ـ فهي
__________________
(١) الكافي ، ج ١ ، ص ٦٥ ، باب اختلاف الحديث ، ح ٥ ؛ علل الشرائع ، ص ٣٩٥ ، باب ١٣١ ، ح ١٦. وإليك نصّ الحديث من الكافي : « أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن الحسن بن عليّ ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن زرارة بن أعين ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سألته عن مسألة فأجابني ، ثمّ جاءه رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني ، ثمّ جاء رجل آخر ، فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي ، فلمّا خرج الرجلان قلت : يا بن رسول الله ، رجلان من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان ، فأجبت كلّ واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه ؟ فقال : « يا زرارة ، إنّ هذا خير لنا وأبقى لنا ولكم ، ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدّقكم الناس علينا ، ولكان أقلّ لبقائنا وبقائكم » . قال : ثمّ قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : شيعتكم لو حملتموهم على الأسنّة أو على النار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين ، قال : فأجابني بمثل جواب أبيه » .
(٢) ب : الاتّحاد.