بهما. (١) وكذلك صرّح المرتضى وغيرهما. (٢)
وأمّا ما ذكره بعض الاصوليّين من أنّه متى حصل الإجماع ، حصل العلم بدخول قول الإمام ، فهو كلام لا دليل عليه ، ولا سند له عقلا ولا نقلا. وقد عرفت سابقا طرفا من الكلام في ذلك.
وقد قال بعض المحقّقين : الحقّ أنّ الاطّلاع على قول الإمام مع غيبة شخصه وخفاء عينه وانقطاع أخباره وأقواله ومكانه في مدّة تقرب من سبعمائة سنة أو أقلّ أو أكثر ، بحيث لم يعلم أنّه في أيّ قطر من أقطار الأرض : مشارقها ومغاربها ، برّها وبحرها ، سهلها وجبلها ، وأنّه ممازج للناس ومخالط ومقابل لهم ، أو منزو عنهم ساكن في أقاصي الأرض وأباعدها ، أو هو في كهف جبل منقطع عن الخلق ، أو هو في بعض الجزائر بحيث لا يصل إليه أحد من الناس ، إلى غير ذلك ممّا لا سبيل إليه ولا دليل عليه ، وهل دعوى ذلك إلّا مجازفة ظاهرة وتعسّف بيّن ؟
ومن هنا يعلم أنّ اتّفاق الفقهاء والعلماء في عصر من الأعصار على حكم من الأحكام لا يكفي في العلم بدخول الإمام ؛ إذ الذي يحصل العلم به اتّفاق الفقهاء والعلماء من أرباب الفتاوى والتصنيف الذي أخبارهم متواترة وآثارهم متواصلة ، وهم ساكنون في البلاد ، معروفون بالأشخاص والأعيان ، محصورون ، معدودون ، ولا سبيل إلى غير ذلك. ومجرّد ذلك لا يكفي في صحّة الادّعاء المذكورة. انتهى. (٣)
وقريب منه كلام شهيد الثاني في بعض رسائله. (٤)
ومن تأمّل كلامهم وجده مضطربا هنا ، فإنّهم تارة يقولون : لا بدّ من وجود من
__________________
(١) العدّة في اصول الفقه ، ج ١ ، ص ٨.
(٢) الذريعة إلى اصول الشريعة ، ج ٢ ، ص ٦٦٩ فما بعد ، وانظر الوافية في اصول الفقه ، ص ٢٣٦.
(٣) لم نعثر عليه في مظانّه.
(٤) رسالة في صلاة الجمعة ( رسائل الشهيد الثاني ) ، ج ١ ، ص ٢٣٤.