[ فإن قيل : ] فما قولكم إذا اختلفت الإماميّة في مسألة ، كيف تعلمون أنّ قول الإمام داخل في جملة بعضها دون بعض ؟
قلنا : إذ اختلفت الإماميّة في مسألة ، نظرنا في تلك المسألة : فإن كان عليها دلالة توجب العلم من كتاب أو سنّة مقطوع بها تدلّ على صحّة بعض تلك الأقوال المختلفة ، قطعنا أنّ قول المعصوم موافق لذلك القول ، مطابق له ، وإن لم يكن على أحد الأقوال دليل يوجب العلم ، نظرنا في حال المختلفين : فكلّ من عرفناه بعينه ونسبه قائلا بقول والباقون قائلون بالقول الآخر ، لم نعتبر قول من عرفناه ؛ لأنّا نعلم أنّه ليس فيهم الإمام المعصوم الذي قوله حجّة.
فإن كان في الفريقين أقوام لا تعرف أعيانهم ولا أنسابهم ، وهم مع ذلك مختلفون ، كانت المسألة من باب ما نكون فيها مخيّرين بأيّ القولين شئنا أخذنا ، ويجري ذلك مجرى الخبرين المتعارضين اللذين لا ترجيح لأحدهما على الآخر على ما مضى القول فيما تقدّم.
وإنّما قلنا ذلك لأنّه لو كان الحقّ في أحدهما لوجب أن يكون ممّا يمكن الوصول إليه ، فلمّا لم يكن دلّ على أنّه من باب التخيير.
ومتى فرضنا أن يكون الحقّ في واحد من الأقوال ، ولم يكن هناك ما يميّز ذلك القول من غيره ، فلا يجوز للإمام المعصوم حينئذ الاستتار ، ووجب عليه أن يظهر ويبيّن الحقّ في تلك المسألة ، أو يعلم بعض ثقاته الذين يسكن إليهم الحقّ من تلك الأقوال حتّى يؤدّي ذلك إلى الامّة ، ويقترن بقوله علم معجز يدلّ على صدقه ؛ لأنّه متى لم يكن كذلك لم يحسن التكليف.
وفي علمنا ببقاء التكليف وعدم ظهوره أو ظهور ، من يجري مجراه دليل على أنّ ذلك لم يتّفق. (١)
ثمّ بالغ في وجوب إظهار الحقّ على الإمام بكلام طويل إلى أن قال :
وقال السيّد المرتضى عليّ بن الحسين الموسوي أخيرا : إنّه يجوز أن يكون
__________________
(١) العدّة في اصول الفقه ، ج ٢ ، ص ٦٢٨ ـ ٦٣١.