الأوّل : كون الراوي ثقة ، فإنّ ذلك قرينة على صحّة الحديث بمعنى ثبوته ، وكثيرا ما يحصل بذلك العلم حتّى لا يبقى شكّ أصلا ، خصوصا إذا انضمّ إلى ذلك جلالته.
وهذا أمر وجداني يساعده الأحاديث الواردة في الأمر بالعمل بخبر الثقة ، وهي أكثر من أن تحصى ، منها : ما ورد في الأمر بالرجوع إلى وكلاء صاحب الزمان عليهالسلام لكونهم ثقات (١) ، وكذا كثير من الرواة.
وهذا ـ أعني الاعتماد على خبر الثقة ـ هو المتعارف في كلام قدمائنا وفي كلام أئمّتنا.
وقد صرّح الشهيد الثاني رحمهالله في بحث العمل بقول (٢) الثقة في استبراء الجارية أنّ بين الثقة وبين ظنّي العدالة عموما وخصوصا من وجه. (٣)
وقد صرّح الشيخ في الفهرست بأنّ كثيرا من أصحاب الاصول ينتحلون المذاهب الفاسدة وكانت كتبهم معتمدة. (٤) وقد صرّح في كتاب العدّة بأنّه يجوز العمل بخبر الثقة في الرواية وإن كان فاسد المذهب أو فاسقا بجوارحه ؛ (٥) بل يظهر منه اتّفاق الإماميّة على ذلك.
فإذا كان الرواة في جميع الطبقات ثقات ، فهو من الخبر المحفوف بالقرينة قطعا ، وقد تواترت الأحاديث بوجوب العمل بخبر الثقة ، وتواترت بعدم جواز العمل بالظنّ ، وذلك ينتج أنّ خبر الثقة يفيد العلم العادي ، وإذا كان كون الراوي ثقة قرينة ، فكونه أوثق أيضا قرينة كما تقدّم.
الثاني : كون الحديث موجودا في كتب أحد الثقات ؛ لما تقدّم من أنّه يفيد العلم ،
__________________
(١) انظر الكافي ، ج ١ ، ص ٣٢٩ ، ح ١ ، باب في تسمية من رآه عليهالسلام ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ١٣٨ / ٣٣٤١٩.
(٢) الف : بخبر.
(٣) انظر الروضة البهيّة ، ج ٣ ، ص ٣١٥ ؛ مسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ٣٨٧ ؛ حكاه عن الشهيد الثاني المحدّث الأسترآبادي في الفوائد المدنيّة ، ص ١٠٦.
(٤) الفهرست ، ص ٤.
(٥) العدّة في اصول الفقه ، ج ١ ، ص ١٣٤ و١٥٢.