النبأ (١) في وجه ، ولا أقلّ ممّا دلّ على لزوم ترك مثل ذلك في مقام العمل بعنوان كونه ظنّا لا يغني من الحقّ شيئا. (٢)
واجيب عنه بأنّ الأدلّة إنّما دلّت على عدم جواز الاتّكال إلى غير الحجّة من أجل عدم ثبوت الحجّيّة ، لا لمفسدة ذاتيّة ثابتة فيه ، فمقتضى تلك الأدلّة عدم حجّيّة الخبر الضعيف مثلا ، وأخبار التسامح لا تدلّ على الحجّيّة ، وإنّما تدلّ على حسن العمل بها والإتيان بالأفعال من غير حكم على الواقعيّة.
وفيه أنّ أخبار التسامح وإن لم تدلّ على الحجّيّة إلّا أنّها تدلّ على الاتّكال إليها ، وهو سبيل عنه ، فتأمّل.
وربّما يجاب بأنّ دليل عدم الجواز قاصر عن الشمول لمثل ما اعتبر بأخبار التسامح ، فإنّه لو كان الإجماع لمعلوم انعدم ؛ إذ الشهرة على العمل بالأخبار الضعيفة في المندوبات ، وغير الإجماع أيضا إطلاقات لا يعلم الشمول للموادّ منه ، ولكن قد عرفت وجود الدليل على المنع من العمل بالضعاف مطلقا ، ولا يتّجه معه ذلك المنع ، والمتّجه أن يقال : حال تلك الأخبار الضعيفة مثل حال الأخبار المعتبرة على حدّ سواء ، فالوجه في خروج الصحاح والمعتبرة في مدار التكليف جار فيما نحن فيه من غير فرق.
وبتقرير أوضح : إنّ الأدلّة التي تدلّ على عدم جواز العمل لعدم الدليليّة والاعتبار ، وعدم معلوميّة مصادفة الواقع ، وقيام احتمال المخالفة ، فهي مقيّدة بصورة عدم قيام دليل على جواز الأخذ والاعتبار ؛ فإنّ ذلك الدليل رافع لحكم أدلّة المنع وناظر إليها ، فلا معارضة بينهما من بدو الأمر كما لا يخفى ، ولكن على ما عرفت من كون الحكم
__________________
(١) الآية مشهورة ، وهي الآية السادسة من سورة الحجرات (٤٩) : ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ﴾
(٢) إشارة إلى الآية ٣٦ من سورة يونس (١٠) ؛ والآية ٢٨ من سورة النجم (٥٣) : ﴿ إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً.﴾