الشرعي مستفادا من أخبار التسامح ، وأنّها المثبتة لاستحباب تلك الأفعال في الشرع ، ولا اتّكال إلى الأخبار الضعيفة في ثبوت الحكم ، وإنّما هو من الامور المعتبرة في تحقّق موضوع ذلك الحكم ، بمعنى أنّه لا بدّ من وصول الخبر بصدق بلوغ ثواب على عمل ، لا عمل على الأخبار والامور الطلبيّة لتحصل المعارضة ويحتاج إلى الدفع بالوجوه المذكورة.
والحاصل أنّ المحظور العمل بالظنّ في الحكم الشرعي ، وموضوعه بما يرجع إلى الحكم ، وهو مورد أدلّة المنع ، وأمّا اعتبار الظنّ في الموضوع فلا منع منه ، وبلوغ الخبر والإتيان بالفعل من الامور المعتبرة في موضوع قوله : « كان له ذلك » وأمثاله ، ومفاد الأخبار استحباب تلك الأفعال شرعا ، وهي قطعيّة لا يعارضها شيء. (١)
الخامس : أنّ الخبر في أصل الواقعة قد يكون دالّا على الوجوب ، فبناء على كون مفاد الأخبار ترتيب آثار الواقعيّة على مفاده ـ وإن لم يكن من باب الحجّيّة والطريقيّة ـ يلزم الحكم بالوجوب.
والجواب : أنّ خبر المورد ـ باعتبار كونه إخبارا بالثواب على الفعل ولو بالملازمة [ بين كونه مثابا عليه ] وبين مطلوبيّته ـ يكون ممّا حكم الأخبار على ترتيب
__________________
(١) قال الشيخ الأنصاري رحمهالله في دفع هذا الاعتراض : « اجيب عنه بأنّه لا تعارض ؛ نظرا إلى أنّ هذه الأخبار لا تدلّ على جواز الركون إلى خبر الفاسق وتصديقه ، وإنّما تدلّ على استحباب ما روى الفاسق استحبابه.
وفيه : أنّ هذا وإن لم يكن تصديقا له ، إلّا أنّ معنى طرح خبر الفاسق جعل احتمال صدقه كالعدم ، وظاهر هذه الأخبار الاعتناء باحتمال صدقه وعدم جعله كالعدم ، ولهذا لو وقع نظير هذا في خبر الفاسق الدالّ على الوجوب ، لكانت أدلّة طرح خبر الفاسق معارضة له قطعا ، بل قد عرفت ممّا ذكرنا أنّ هذا في الحقيقة عمل بخبر الفاسق.
وربّما يجاب أيضا بأنّ النسبة بينهما عموم من وجه ، والترجيح مع هذه الأخبار.
والتحقيق في الجواب : أنّ دليل طرح خبر الفاسق إن كان هو الإجماع ، فهو في المقام غير ثابت ، وإن كان آية النبأ فهي مختصّة ـ بشهادة تعليلها ـ بالوجوب والتحريم ، فلا بدّ في التعدّي عنهما من دليل مفقود في المقام » . رسائل فقهيّة ، ص ١٥١ و١٥٢.