الارتباطيّين وأحد المتباينين احتياطا ؟
الظاهر ذلك ، وإن لم يكن هذا العمل احتياطا تامّا يوجب القطع بإحراز الواقع ؛ فإنّ ما يقضي بجنسه يحكم بجنس ما يوجب الامتثال الإجمالي أيضا ، وإن لم يكن بمرتبة التامّ ، فهو أيضا إطاعة حكميّة يكون فاعله أقرب ممّن ترك التعرّض لامتثال الأمر الواقعي على وجه الكلّيّة.
هذا مع قطع النظر عن أخبار التسامح ، وأمّا مع ملاحظتها فلا إشكال أنّ ورود الخبر الضعيف باستحباب غير القدر الجامع بلوغ الثواب فيه ، فيجري فيه ذلك ، وإن كان قد يكون لسان الدليل انحصار المستحبّ في المقيّد ، فإنّ ذلك لا يوجب القطع بعد استحباب غيره ليعلم كذب الخبر الضعيف.
وقد عرفت فيما سبق في فتوى الفقيه ونحوه صدق البلوغ مع بقاء احتمال الواقعيّة ، وأمّا في المتباينين فلا إشكال في صورة قيام الخبر الضعيف على تعيين أحد الأمرين في صدق البلوغ بالنسبة إلى استحباب ذلك العمل وثبوت فضل له ، وأمّا لو قام فيهما ، فربّما يقال : إنّ القطع باتّحاد المستحبّ يوجب ترك التمسّك بأخبار التسامح في كلّ منها ؛ للزوم الترجيح من غير مرجّح ، ولكنّ الحقّ جواز التمسّك فيهما أيضا ؛ لصدق بلوغ الثواب في كلّ منهما ، ولا قطع بانحصار الفضل في أحدهما خاصّة ، وإمكان ثبوته لهما ، ولكن لا يخفى أنّ جواز التمسّك بها إنّما هو بالنسبة إلى ثبوت استحباب كلّ واحد من العلمين ، دون تشخيص الماهيّتين ، بحيث لو تعلّق الوجوب بما هو مستحبّ واقعا ، فلا حصل الامتثال بأيّهما.
وكذا في صورة اتّحاد الخبر المعيّن ، والوجه في ذلك أنّ الثابت هو ثبوت الاستحباب وآثار المستحبّ ، وليس حصول الواجب وماهيّته بذلك العمل من آثار استحبابه ، وإنّما هو بملاحظة أمر آخر يعقل مخالفة تعلّقه لذلك ، وهذا هو الوجه في أنّ الأصحاب مع ذهابهم إلى التسامح في السنن لم يكتفوا بالضعيف في ثبوت