الظاهر ذلك ؛ فإنّ ذلك المستحبّ بالنسبة إلى زيادة الثواب الموجبة لأفضليّته ممّا بلغ فيه الثواب وخير بلغ ، فيكون للعامل ذلك ، ولعلّ ذلك لا يخفى. (١)
الثاني عشر : لو كان مضمون الخبر الصريح في الدلالة الإخبار عن شيء يكون متعلّق بعض المستحبّات ، مثل تحديد مسجد الكوفة ـ مثلا ـ بالنسبة إلى فضل الصلاة فيه والكون فيه والكنس له ونحو ذلك ، فهل يصحّ التمسّك بأخبار التسامح بواسطة كون الخبر المزبور دالّا على فضل الصلاة في هذا الحدّ بالالتزام لما ثبت من الفضل للصلاة في ما هو جامع الكوفة واقعا ؟
الظاهر ذلك ؛ لما عرفت من شمول الأخبار للبلوغ الالتزامي ، وهذا منه إلّا أن يمنع الملازمة بديهيّ كون الفضل بما هو الحين مسجدا في زمان صدور الرواية في الفضل ، لا فيما بناه آدم ونوح ، وهو لا يخلو عمّا فيه كما لا يخفى.
ويعرف وضوح ذلك عمّا سبق في فتوى الفقيه ونحوها ، فلاحظ.
الثالث عشر : إذا تردّد المستحبّ المعلوم استحبابه بين الأمرين ، وعيّنه الخبر الضعيف ـ سواء كانا متباينين مثل تردّد المسح بالأصابع الثلاثة بين ما كان بطولها وبين ما كان بعرضها ـ أو دار الأمر بين الإطلاق والقيد ، فيكونان الارتباطيّين ، مثل تردّد النقل بين خصوص ما اشتمل على الاستقبال والأعمّ منه ، واتّحاد الجنس في الزيادة وعدمه.
وتنقيح البحث في ذلك أنّه إذا ثبت الاستحباب بدليل شرعي معتبر ، ثمّ تردّد الأمر في تعلّقه بين المتباينين أو الارتباطيّين ، فلا إشكال في الأخير في ثبوت استحباب القدر المتيقّن في الثاني وعدم خفاء فيه ، وأمّا في غيره والمتباينين فلا إشكال في خفاء المكلّف به ، والشبهة في تعلّق الحكم ، فهل يصحّ الإتيان بغير القدر الجامع في
__________________
(١) وجوّزه أيضا المحقّق الأعظم الشيخ الأنصاري رحمهالله ، ثمّ قال : « أمّا على قاعدة الاحتياط فواضح ؛ لأنّ طلب المزيّة المحتملة في أحدهما محبوب عقلا. وأمّا على الأخبار ؛ فلأنّ مرجع أفضليّة أحدهما إلى استحباب تقديم الفاضل على المفضول في الاختيار عند التعارض ، فيشمله الأخبار مضافا إلى عموم ما تقدّم عن الذكرى من أنّ أخبار الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم » . رسائل فقهيّة ، ص ١٧٢.