« من تعلّم العلم للكثرة مات جاهلا ؛ ومن تعلّم العلم للتكبّر والطول مات زنديقا ؛ ومن تعلّم العلم للمجادلة مات منافقا ؛ ومن تعلّم العلم للمقالة مات عاصيا ؛ ومن تعلّم العلم للعمل مات مؤمنا مخلصا » . (١)
ثمّ اعلم : أنّ اكتساب العلوم بالقلوب ليس كاكتساب المنافع بالجوارح ، بل إنّما العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء (٢) من عباده الصالحين وأوليائه المتّقين ؛ فكن في جميع أحوالك معتصما بالله مولاك ، منقطعا عن غيره بظاهرك وباطنك ، عاملا بما علمت من فرائضه ونوافله.
واعلم : أنّ من جملة الفرائض الصلوات الخمس ، فراعها حقّ رعايتها بتعاهدك أمرها ، وتقرّبك إلى الله تعالى بها ، ومحافظتك على أوقاتها وأفعالها وأقوالها ؛ فإنّ الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ، (٣) وإنّها معراج كلّ مؤمن تقيّ ؛ فإيّاك وأن يراك ربّك في أوقاتها مشغولا بغيرها فتكون مرجوما من رحمته ، مطرودا من حضرته ، فاجعلها قرّة لعينك ، وحمّة (٤) لدرنك ، (٥) واعرف حقّها كما عرفته الذين وصف الله في كتابه ، فقال تعالى : ﴿ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ ﴾(٦) .
واعلم : أنّ من جملة المحافظة عليها الإتيان بنوافلها ؛ فإنّها جعلت ذريعة لإكمالها وجبيرة لانكسارها ، فلا ينبغي لك تركها ، فإن تركت فأنت المضيّع للصلوات ، والمتّبع للشهوات ، فأخذ منها حظّك ، وأقمها في آناء الليل وأطراف النهار ، فإنّ العبد يتقرّب إلى الله تعالى بالنوافل حتّى يحبّه. (٧)
__________________
(١) المواعظ العدديّة ، ص ٢٦٢ مع اختلاف يسير.
(٢) اقتباس من الحديث الشريف المنقول في مصباح الشريعة ، ص ١٦ ، الباب السادس : في الفتيا.
(٣) إشارة إلى الآية ١٠٣ من سورة النساء.
(٤) الحمّة : العين الحارّة يستشفى بها الأعلّاء والمرضى. الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٠٤ ( حمم ) .
(٥) الدّرن : الوسخ. الصحاح ، ج ٥ ، ص ٧١١٦ ( درن ) .
(٦) النور (٢٤) : ٣٧.
(٧) الكافى ، ج ٢ ، ص ٣٥٢ ، باب من آذى المسلمين واحتقرهم ، ح ٧ و٨ ؛ المؤمن ، ص ٣٢ ، ح ٦١ و٦٢ ؛ المحاسن ، ص ٢٩١ ، ح ٤٤٣ ؛ التوحيد ، ص ٣٩٨ ، ح ١ ؛ علل الشرائع ، ج ١ ، ص ١٢ ، ح ٧.