كتاب معاهد التنبيه على كتاب من لا يحضره الفقيه.
وبالجملة فالخبران المذكوران أوّلا لو صحّا أمكن الحمل على الاستحباب في الإعادة ، وإن لم يصحّا أمكن أيضا على ما مضى. وأمّا الثالث : فله دلالة على أنّ من كان بين المشرق والمغرب يحوّل وجهه ، والظاهر أنّ المراد بتحويل الوجه تحويل جميع البدن ، واستعمال هذا غير عزيز الوجود في الأخبار.
ثم إنّ المشرق والمغرب على تقدير [ الاعتداليّين ] (١) يظهر الحكم ( فيما ) (٢) بينهما ، أمّا على تقدير الأعم فالتبيّن مختلف.
وقد ذكر بعض محققي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ أنّ الحديث يدل على أنّه إذا تبيّن الانحراف عن القبلة في أثناء الصلاة فإن كان يسيرا انحرف إلى القبلة وصحت صلاته ، وإن ظهر أنّه كان مستدبرا بطلت ، ولا يحضرني أن أحدا من الأصحاب خالف في ذلك ، وقد ألحقوا بالاستدبار بلوغ الانحراف إلى نفس اليمين واليسار ، لأنّه لو ظهر بعد الفراغ استأنف فكذا في الأثناء ، لأنّ ما يقتضي فساد الكل يقتضي فساد جزئه (٣). انتهى.
ولقائل أن يقول : إنّ الخبر لمّا تضمن ذكر الاستدبار في إيجاب القطع ، والتحويل فيما بين المشرق والمغرب ، لزم منه أحد أمرين ، إمّا عدم التعرض لمحض اليمين واليسار ولما بينهما وبين دبر القبلة ، أو أنّ الحكم كأحد الفردين المذكورين على الإجمال ، وهو لا يناسب الجواب المقصود به الإفهام والسكوت عن الآخر كذلك ، وحينئذ يمكن ادعاء إرادة ما بين
__________________
(١) في النسخ : الاعتدالين ، والأولى ما أثبتناه.
(٢) في « رض » : فيه فيما ، وفي « فض » : فيه ممّا.
(٣) الحبل المتين : ١٩٩.