وقد عرفت من ذكر السند أنّ الخبر المبحوث عنه صحيح في الفقيه ، لأنّه رواه عن حريز عن زرارة ، وطريقه إلى حريز صحيح ، وفي المتن زيادة عما هنا بعد قوله : « تمّت صلاته » : فقال : قلت له : رجل نسي القراءة في الأوّلتين فذكرها في الأخيرتين ، فقال : « يقضي القراءة والتسبيح والتكبير الذي فاته في الأوّلتين ولا شيء عليه » (١) وهذه الزيادة في المعروف من الأصحاب المتأخّرين عدم القول بها ، وظاهر الصدوق العمل بالمضمون ، غير أنه لا يخلو من إجمال ، لأنّ قوله : « يقضي » إلى قوله : « في الأوّلتين » يحتمل تعلّق في الأوّلتين ، بيقضي ويحتمل التعلّق بفاته ، وعلى التقدير الأوّل محل القضاء غير معلوم ، وكذا على الثاني.
واحتمال أن يراد القضاء بعد الصلاة لما فاته في الأوّلتين ممّا ذكر ممكن ، واحتمال الاستحباب في القضاء في حيّز الإمكان ، لظاهر عدم القول بين المتأخّرين بالوجوب ، فيمكن الاستعانة به على أنّ باقي الأحكام من الإعادة على الاستحباب ؛ والأمر لا يخلو من إشكال.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ المنقول عن الشيخ دعوى الإجماع في الخلاف على وجوب الجهر في الصبح وأوّلتي المغرب والعشاء ، والإخفات فيما عداها (٢) ؛ والعلاّمة في المختلف قال : إنّه المشهور بين علمائنا ، ونقل عن ابن الجنيد القول بجواز العكس ويستحب أن لا يفعله ، وهو قول السيد المرتضى في المصباح ؛ ثم استدل العلاّمة بخبر زرارة واصفا له بالصحة ، وبالاحتياط ، ونقل احتجاج ابن الجنيد بالأصل والخبر الثاني ، وأجاب أنّ الأصل متروك مع الدليل الذي ذكره ، والرواية محمولة على الجهر العالي ،
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٢٧ / ١٠٠٣ ، الوسائل ٦ : ٩٤ أبواب القراءة في الصلاة ب ٣٠ ح ٦.
(٢) حكاه عنه في الحبل المتين : ٢٢٩.