وكأنّ الصدوق رحمهالله فهم منها الاختصاص بالتشهد ، ويكون الدعاء ما يذكر في التشهد. ويؤيّده أنّ قبل هذا : « فإذا قعدت في تشهدك فألصق ركبتيك ـ إلى أن قال ـ : وإيّاك » إلى آخره.
وعدم الجواز ربما يستفاد من ظاهرها ، إلاّ أن يعارض بأنّ الأوامر فيها أكثرها للاستحباب فيبعد الدلالة على التحريم. وفيه : أنّ الظاهر الوجوب ما لم يخرج الدليل بعض الأحكام ، والموجود هنا ممّا يصلح للإخراج غير موجود ، فإنّ الثاني من الأخبار المبحوث عنها تضمن جواز الإقعاء بين السجدتين فيبقى حكم التشهد على أصله من الخبر ، غير أنّ كثرة الأوامر الواردة في الخبر للاستحباب مع الشهرة تؤيّد عدم التحريم ، مضافا إلى ظاهر التعليل وإن احتمل أن يراد منه كون الجلوس للتشهد لا يتحقق إلاّ على الأرض ، إلاّ أنّ قوله : « والدعاء » لا يوافق عدم الجواز ، فربما يقرب أن يكون مراد الصدوق الكراهة من عدم الجواز ، ومن نفي البأس عدم الكراهة.
وعلى كل حال المستفاد من الرواية أنّ الإقعاء المأمور بتركه هو الجلوس على العقبين مع الاعتماد على صدور القدمين ، قيل : وهذا التفسير هو المشهور بين الفقهاء (١) ، ونقل جماعة من الأصحاب عن بعض أهل اللغة أنّه الجلوس على الأليتين ناصبا الفخذين كإقعاء الكلب (٢) ، وهو مدلول الخبر الأخير ، ويمكن أن يقال بتقدير العمل بالخبر الأخير والأوّل أنّ النهي عن الإقعاء بين السجدتين كإقعاء الكلب ، وما تضمن الجواز ـ وهو الثاني ـ يحمل على الجلوس على صدور القدمين ، إلاّ أنّه غير خفي عدم
__________________
(١) كما في جامع المقاصد ٢ : ٣١٠ ، الحبل المتين : ٢١٥.
(٢) كما في المعتبر ٢ : ٢١٨ ، المنتهى ١ : ٢٩١ ، مجمع الفائدة ٢ : ٢٧١.