ثم إنّ الخبر لا ينافي القول باستحباب السورة في نظري القاصر ، لأنّه لا مانع من الاستحباب وعدم جواز التبعيض ، كما لم يجز في النافلة فعلها بغير الركوع ونحوه ، وقد يعبّر عن هذا بالشرط.
مضافا إلى ما ذكره بعض مشايخنا من أنّ القرآن لمّا ثبت من الأخبار جوازه في الفريضة ، فلا بدّ من حمل النهي في هذا الخبر عن الأكثر على الكراهة ، فليحمل ما دلّ على الأقلّ عليها (١) ؛ إذ من المستبعد تخالف النهي في الخبر بالكراهة والتحريم.
فإن قلت : إذا دلّ الدليل على وجوب السورة لا مانع من إبقاء النهي في الخبر على حقيقته في الناقص ، ولزوم استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه لا يضر بالحال مع الضرورة.
قلت : الأمر كما ذكرت ، إلاّ أنّ الكلام في إثبات الوجوب.
نعم ما ذكره بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ : من أنّ النهي في الخبر محمولٌ على الكراهة فيما زاد جمعا بين الأخبار ، لما سيأتي في القراءة ، فكذا فيما نقص ، تفصيّا من استعمال النهي في حقيقته ومجازه معا (٢). محل تأمّل ؛ لأنّ مجرّد التفصّي لا يقتضي ما ذكره إلاّ بعد ردّ دليل الوجوب ، وكأنّه اعتمد على ذلك حيث ردّ الأدلة.
وربّما يقال : إنّ الخبر مشتمل على نهيين : أحدهما عن الأقل والآخر عن الأكثر ، فلو حمل النهي الثاني على الكراهة يبقى النهي الأوّل على حقيقته ، فليس من حمل اللفظ على حقيقته ومجازه ، بل حمل كل لفظ على معنى فالأوّل حقيقي والثاني مجازيّ ، فليتأمّل.
__________________
(١) كما في المدارك ٣ : ٣٥٠.
(٢) البهائي في الحبل المتين : ٢٢٤.