______________________________________________________
تقدير المسافة بثمانية فراسخ ، فحمل الشيخ في أحد وجهيه (١) ، والمصنف (٢) ، ومن قال بمقالتهما هذه الروايات على ما إذا أراد المسافر الرجوع ليومه ، واستدلوا على هذا الحمل بما رواه ابن بابويه في الصحيح ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة بن أعين ، قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن التقصير فقال : « بريد ذاهب وبريد جائي ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أتى ذبابا قصر ، وذباب على بريد ، وإنما فعل ذلك لأنه إذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ » (٣).
وما رواه الشيخ في الصحيح ، عن معاوية بن وهب قال ، قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أدنى ما يقصر فيه المسافر الصلاة؟ فقال : « بريد ذاهبا وبريد جائيا » (٤).
وعن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : سألته عن التقصير ، قال : « في بريد » قلت : بريد؟ قال : « إنه إذا ذهب بريدا ورجع بريدا شغل يومه » (٥).
ويتوجه على هذا الجمع أولا : أن إطلاق الأمر بالتقصير في الأربعة فراسخ في هذه الروايات المستفيضة مع كونه مشروطا بشرط لا يدل عليه اللفظ بعيد جدا ، بل ربما كان قبيحا فيمتنع صدوره من الحكيم.
وثانيا : أن ما استدل به على هذا الجمع غير واضح الدلالة ، أما روايتا زرارة ومعاوية بن وهب فلأن أقصى ما تدلان عليه ثبوت التقصير إذا كانت المسافة بريدا ذاهبا وبريدا جائيا ، وليس فيهما دلالة على اعتبار وقوع الذهاب
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٠٧ ، والاستبصار ١ : ٢٢٣.
(٢) المختصر النافع : ٥ ، والمعتبر ٢ : ٤٦٧ ، والشرائع ١ : ١٣٢.
(٣) الفقيه ١ : ٢٨٧ ـ ١٣٠٤ ، الوسائل ٥ : ٤٩٨ أبواب صلاة المسافر ب ٢ ح ١٤.
(٤) التهذيب ٣ : ٢٠٨ ـ ٤٩٦ ، الإستبصار ١ : ٢٢٣ ـ ٧٩٢ ، الوسائل ٥ : ٤٩٤ أبواب صلاة المسافر ب ٢ ح ٢.
(٥) التهذيب ٤ : ٢٢٤ ـ ٦٥٨ ، الوسائل ٥ : ٤٩٦ أبواب صلاة المسافر ب ٢ ح ٩.