وعبارات علمائنا لا تقبل التأويل ، وكلّها متطابقة على إرادة ذلك ، مصرّحة باعتبار النتوء ، وكونه في ظهر القدم. وهو المطابق للاشتقاق ، وكلام أكثر أهل اللغة (١).
وقال العلامة : أنّه مفصل الساق والقدم ، وحمل عبارات الأصحاب عليه (٢) ، مع عدم انطباق واحدة منها عليه ، سوى ما يتوهّم من ظاهر ابن الجنيد (٣) ، وليس كما يتوهّم.
وربّما انتصر له بعضهم : بأنّ المفصل محلّ الكعب الذي هو كعب باصطلاح أهل التشريح ، وهو ما يكون للحيوانات ، ويلعب به الصبيان ، وله ارتفاع ونتوء أيضاً ، وهو في وسط القدم العرضي أيضاً ؛ فلا ينافي إطلاق كلماتهم.
وأنت خبير بأنّ ظاهر كلمات الأصحاب بل تصريحهم في اعتبار الارتفاع والنشوز لا يلائم إرادة الوهدة التي يكون في عمقها شيء له نتوء ما.
مع أنّ الشارع إنّما يتكلّم على العُرف واللغة لا غير ، مع أنّ المفصل مما لم يظهر إطلاق الكعب عليه في كلام أهل اللغة إلّا من صاحب القاموس (٤). ومنشأ توهّمه : إطلاق الكعب على مفاصل قصب الرمح ، وإنّما هو لأجل النتوء الحاصل فيها ، لا لكونه مفصلاً.
وليس إسناد الرازي اعتبار المفصل إلينا حجّة (٥) ، مع معارضته بإسناد ابن الأثير إلينا المعنى المشهور عندنا (٦) ، والأخبار الصحيحة المتظافرة بما ذكرنا ، مثل صحيحة
__________________
(١) العين ١ : ٢٠٧ قال : كعب الإنسان ما أشرف فوق رسغه عند قدمه. الصحاح ١ : ٢١٣ ، النهاية لابن الأثير ٤ : ١٧٨ ، المصباح المنير : ٥٣٥ ، لسان العرب ١ : ٧١٨.
(٢) المختلف ١ : ٢٩٣ ، المنتهي ٢ : ٧٤ ، القواعد ١ : ٢٠٣ ، وتبعه الشهيد في الألفيّة : ٢٨ ، والمقداد في كنز العرفان ١ : ١٨.
(٣) فإنّه قال : الكعب في ظهر القدم دون عظم الساق وهو المفصل الذي قدّام العرقوب. نقله في المختلف ١ : ٢٩٣.
(٤) القاموس المحيط ١ : ١٢٩ ، قال : الكعب العظم الناشز فوق القدم ، والناشزان في جانبيها.
(٥) التفسير الكبير ١١ : ١٦٢.
(٦) النهاية ٤ : ١٧٨.