لا ضرر عليه فليس له منعه ، مثل الاستظلال بحائطه ، إلى آخر ما ذكره (١).
ووجه دلالته على ما ذكرنا : أنّه اعتمد على جواز التصرّف في الماء بعدم الضرر ، وأنّ ما لا يضرّ صاحبه التصرّف فيه فليس له منعه ، وهو معنى استحقاق الغير لذلك التصرف ، ويدلّ على ما نحن فيه بطريق أولى.
وتشكل الطريقة الأُولى بالمياه المجهولة المالك ، أومأ عُلم كون مالكها صغيراً أو مجنوناً ، وبأنّه كيف يكفي مجرّد عدم ظهور الكراهة والمنع؟! وكيف يكون ذلك إذناً يعتمد عليه؟
والطريقة الثانية ، بأنّ ذلك يقتضي الإطلاق ، ولا يناسب التقييد بعدم مظنّة الكراهة ونحوه إلّا أن يقال : المستفاد من الأدلّة هو إثبات حقّ محدود ، فيكون ذلك حكماً مستقلا ، بأن يكون الشارع اقتصر في هذا التصرّف في مال الغير على عدم ظهور كراهية ، وفي معنى ظهور الكراهة التضرّر بذلك ، فيكون ذلك نظير الإذن في الأكل من بيوت من ذكر في سورة النور (٢).
ولعلّ السرّ في ذلك الاعتماد على غالب أحوال المسلمين ، من كونهم راضين بذلك التصرف ، ولذلك لا يجب التجسّس والتفحّص عن حال المالك وأنّه هل له أهليّة الإذن والرضا أم لا. فالمناط هو عدم تضرّر المالك ، أو عدم مظنّة الإكراه.
والأوّل يشمل مياه الصغار واليتامى ، مع أنّه يمكن أن يقال : إنّ شهادة حال الولي بالرضا وعدم ظهور كراهته كافٍ ، وإن كان هو الإمام ، وأنّ الإذن في ذلك كما هو مقتضى إطلاق الفتاوى والأخبار ، فتتمّ الطريقة الأُولى أيضاً.
وممن صرّح بذلك الشهيد في الذكرى في مكان المصلّي والظاهر عدم الفرق
__________________
(١) السرائر ٢ : ٣٨٣.
(٢) النور : ٦١.