لاتّحاد المناط ، قال : لو علم الكراهيّة من صاحب الصحراء وشبهها امتنعت الصلاة ، لأنّه كالغاصب حينئذٍ ، ولو جهل بنى على شاهد الحال ، ولو علم أنّها لمولّى عليه فالظاهر الجواز ، لإطلاق الأصحاب ، وعدم تخيّل ضررٍ لاحق به ، فهو كالاستظلال بحائطه ؛ ولو فرض ضرر امتنع منه ومن غيره ، ووجه المنع : أنّ الاستناد إلى أنّ المالك أذِنَ بشاهد الحال ، والمالك هنا ليس أهلاً للإذن إلّا أن يقال : إنّ الولي أذن هنا ، والطفل لا بدّ له من ولي (١) ، انتهى.
وصرّح في المدارك أيضاً بكفاية رضا الولي في مكان المصلّي ، لكنه يعتبر في شاهد الحال حصول العلم (٢) (٣).
__________________
(١) الذكرى : ١٥٠.
(٢) مدارك الأحكام ٣ : ٢١٧.
(٣) وحاصل استدلال المستدلّ على عدم الملكيّة يرجع إلى أنّه يصحّ استئجار البئر جزماً ، ويشترط في الإجارة كون العين المستأجرة مملوكة باقية غير تالفة ، فلا يصحّ استئجاره ، ولكن لما كان استئجار البئر مع مائها صحيحاً فلا بد أن يكون الماء غير مملوك حتّى يكون التصرّف فيه من جهة الإباحة بالأصالة لا من جهة وقوع الإجارة عليه حتّى يرد البحث ، فتختص الإجارة بنفس البئر ، ولا يشترك الماء معه فيه. وحاصل الجواب أنّ جواز التصرّف في الماء بعد الإجارة لا ينافي مملوكيّته ، ولا يثبت كون جواز التصرّف من جهة ورود الإجارة عليه ، بل إنّما وردت الإجارة على نفس البئر ، وإنّما استبيح التصرّف في الماء بمجرى العادة برضا صاحبه حينئذٍ بذلك ، ولأنّ صاحبه مع استيفاء وجه الإجارة حينئذٍ لا يتضرّر بتصرّف المستأجر في ذلك الماء. ومن هذا يظهر حكم ما نحن فيه بطريق أولى كما لا يخفى ، فعلى طريقة ابن إدريس ليس لصاحب هذا الماء منع المحتاجين عن التصرّف فيه ، ويلزمه أنّه لو كره صاحبه من جهة أُخرى لأمن جهة الضرر أيضاً لا يضرّ في جواز الاستعمال ، فإثبات هذه الطريقة في الاستدلال في غاية الإشكال ، سيّما في المقام الذي استدلّ ابن إدريس بذلك. والأولى أن يجعل الكلام في استئجار البئر كاستئجار الضرع للإرضاع ، كما أفتى به الأصحاب بجعل اللبن والماء مقصودين بالتبع في الإجارة ، أو تابعاً للمقصود بالعقد ، إلّا أن يقال إنّ مراد ابن إدريس أن إجارة نفس البئر توجب منع صاحبها عن التصرّف فيها ، فحينئذٍ الماء المملوك له في البئر ما لا منفعة في تملكه ، فيصير من قبيل المباح من جهة عدم إمكان الانتفاع به للمالك ، سيّما مع استخلافه بالنبع وتجدّده ، وأيضاً الانتفاع بالبئر لا يمكن إلّا بنزح الماء ، ولما كانت قيمة الماء المنزوح غالباً لا تزيد على وجه إجارة البئر ، ولو رجع المالك إلى قيمة الماء يرجع المستأجر إلى وجه الإجارة ، فيكون الماء حينئذٍ بعد الإجارة بلا قيمة ، ويكون كحطبٍ كثير في مفازة بعيدة عن المعمورة لا يمكن إيصاله إليها إلّا بإنفاق أضعاف قيمتها ، وفيه تأمّل (منه رحمهالله تعالى).