وكيف كان فالعمدة بيان الدليل على المطلوب ، ولنا عليه وجوه :
الأوّل : أنّ النسبة بين العمومات الدالّة على طهوريّة الماء خصوصاً ما ورد في مقام الامتنان مثل قوله تعالى (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) (١) و (لِيُطَهِّرَكُمْ) (٢) وقوله عليهالسلام : «خَلَقَ اللهُ الماءَ طهوراً» (٣) ونحو ذلك وما دلّ على حرمة التصرّف في مال الغير عموم من وجه ، والأولى معتضدة بالأصل والاعتبار والعمل والاشتهار ورفع الضيق والحرج والإعسار ، سيّما مع ملاحظة عمل المسلمين في الأعصار والأمصار من دون نكير.
ويظهر لمن تأمّل ذلك أنّ ذلك كان إجماعيّاً ، لا يتخالج فيه ريبة ولا شكّ ، لكن القدر المستفاد من هذه الطريقة أيضاً هو ما لم يظهر التضرّر والكراهة.
والثاني : أنّ المياه على الإباحة الأصليّة ، ولم يحصل اليقين برفعها إلّا في غير تلك الاستعمالات ، ولا ينصرف ما دل على المنع عن التصرّف في مال الغير إلى ذلك (٤).
الثالث : أنّه لو توقّف الاستعمال في المذكورات على الإذن لزم الحرج الشديد ، سيّما في الأسفار في البلاد الكبيرة التي لم يردها قبله.
الرابع : تتبّع الأخبار ، مثل صحيحة ابن أبي يعفور وعنبسة بن مصعب ، عن الصادق عليهالسلام ، قال : «إذا أتيت البئر وأنت جنب ، فلم تجد دلواً ولا شيئاً تغرف به فتيمّم بالصعيد ، ولا تقع في البئر ، ولا تُفسد على القوم ماءهم» (٥).
__________________
(١) الفرقان : ٤٨.
(٢) الأنفال : ١١.
(٣) السرائر ١ : ٦٤ ، المعتبر ١ : ٤٠ ، الوسائل ١ : ٢٥٧ أبواب الوضوء ب ١ ح ٩. ورواه الفخر الرازي في التفسير الكبير ٢٤ : ٩٥.
(٤) في «م» : غير ذلك.
(٥) الكافي ٣ : ٦٥ ح ٩ ، التهذيب ١ : ١٤٩ ح ٤٢٦ ، الاستبصار ١ : ١٢٧ ح ٤٣٥ ، الوسائل ١ : ١٣٠ أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ٢٢.