وغسل الباقي ، وجب ، ولا يتيمّم (١). وهذا صريح فيما ذكرنا.
فالحاصل أنّ مرادهم في هذا المقام نفي التبعيض ، ومع إمكان الجبيرة فيجب ولا يتبعّض (٢).
ومما أوقعهم في الحمل على التخيير : كلام العلامة في المنتهي ، حيث أورد نظير ما نقلنا عن المبسوط من الرد على العامّة في التبعيض وعدم الفرق بين أقلّ الأعضاء والأكثر ، ثم استدلّ لمن أوجب الجمع منهم برواية جابر ، قال : «خرجنا في سفر فأصاب رجلاً منّا شجّة في وجهه ، ثم احتلم ، فسأل أصحابه هل تجدون لي رخصة للتيمّم؟ قالوا : ما نجد لك رخصة وأنت قادر على الماء ، فاغتسل فمات ، فلمّا قدمنا على النبيّ صلىاللهعليهوآله أُخبر بذلك ، فقال : قتلوه ، قتلهم الله ، ألا يسألوا إذا لم يعلموا ، فإنّما شفاء العيّ السؤال ، إنّما كان يكفيه أن يتيمّم و (٣) يعصب على جرحه ، ثمّ يمسح عليه ، ثم يغسل سائر جسده» (٤).
وأجاب عنه بما حاصله أنّ الواو بمعنى أو ، يعني كان يكفيه أحد من الأمرين : التيمّم ، أو التعصّب والمسح وغسل سائر الأعضاء ، ففهم بعضهم من ذلك أنّه يقول بالتخيير بين الأمرين (٥).
أقول ، أما أوّلاً : فجواب العلامة من باب الجدل.
وثانياً : إنّ العمل على مقتضى الجبيرة في الوضوء إجماعيّ بينهم ، فلا معنى للتخيير. وعدم القول بالفرق المدّعى في المنتهي إنّما هو في جانب الوجوب ، أو كان نظره إلى خلاف بعض العامّة في نفي الوجوب أيضاً.
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٢١٦ ، ٢١٧.
(٢) في «ز» : تبعيض.
(٣) في «م» ، والمستدرك : أو.
(٤) تفسير أبي الفتوح الرازي ١ : ٧٧٠ ، المستدرك ٢ : ٥٢٨ أبواب التيمّم ب ٤ ح ٤.
(٥) المنتهي ٢ : ٣٣.