وبالجملة عدم القول بالفرق في الوجوب ، ولا يستلزم وجود القول بنفي الوجوب.
وثالثاً : إنّه يمكن أن يكون مراد العلامة رحمهالله مطلق الترديد ، يعني أنّه كان يكفيه التيمّم أو العمل على مقتضى الجبيرة ، وإن كان ذلك على الترتيب ، بتقديم الجبيرة على التيمّم (١) ، فالترديد بالنسبة إلى حال المكلّف ، لا نفس الطهارة.
ورابعاً : بأنّه يمكن أن يكون التيمّم في الحديث بمعنى مطلق القصد ، كقوله تعالى (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (٢).
ومما ذكرنا ظهر : أنّ حمل الأخبار على التخيير أيضاً لا وجه له ، فإنّ الأخبار المجوّزة للتيمّم كلّها مطلقة ، لا إشارة في أحدها إلى جواز التيمّم في صورة إمكان الجبيرة ، فتحمل على المقيّدات الموجبة للمسح على الجبيرة.
مع أنّ كلّها واردة في الغسل ، وليس فيها خبر يعارض ما ورد في وجوب المسح على الجبيرة في الوضوء.
وعدم القول بالفصل المدّعى في المنتهي إنّما هو على أنّ كلّ من يقول بوجوب المسح على (٣) الجبيرة في الوضوء يقول بوجوبه في الغسل ، لا أنّ كلّ من لا يقول بوجوبه في الغسل لا يقول بوجوبه في الوضوء.
فلا إشكال في تعيّن وجوب المسح على الجبيرة في الوضوء أصلاً ، وإنّما الإشكال في الغسل من جهة معارضة تلك الأخبار المطلقة بصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج المتقدّمة (٤) ، وإطلاق حسنة كُليب (٥) وكذلك رواية جابر المتقدّمة ، المقتضية
__________________
(١) في «ز» : بتقديم التيمّم على الجبيرة.
(٢) النساء : ٤٣.
(٣) في «ز» : في.
(٤) ص ١٥٨.
(٥) المتقدّمة ص ١٥٨.