ثم إنّ الحكم دائر مدار تحقّق الكثرة ، وكذلك غيرها ، فلو طرأت القلّة بعد غسل الغداة فغسلها واحد ، وإن طرأت بعد الظهرين فغسلها اثنان ، وكذلك لو طرأت الكثرة على القلّة بعد الصبح فتغتسل للظهرين ، وإن طرأت بعدهما فللعشاءين ، وهكذا.
والأظهر اعتبار مجرّد المسمّى في الكثرة والتوسّط ، ولا يشترط استمراره ، ولا اتصال الصفة بوقت الصلاة ، كما اختاره جماعة (١) ، وقيل باعتبار حصول السبب في وقت الصلاة (٢). والأوّل هو الموافق لعمومات الأدلّة. وكذلك في القليلة بالنسبة إلى الوضوء فهي موجبة له وإن ارتفعت قبل الصلاة.
واعلم أنّ ظاهر جماعة من الأصحاب أنّ الجمع بين الصلاتين بغسل إنّما هو لتحصيل الكفاية وتسهيل الأمر ، وإلّا فيجوز إفراد كلّ صلاة بغسل (٣). وذكر في المنتهي بعد ما صرّح باستحبابه : أنّه لا نعرف فيه خلافاً بين علمائنا ، بل إنّما نسب القول بالوجوب إلى بعض العامة (٤).
وفي رواية يونس الطويلة : «إنّ فاطمة بنت أبي حبيش كانت تغتسل لكلّ صلاة» (٥) فهي محمولة على الجواز.
وفي موثّقة يونس بن يعقوب : «فإن رأت الدم صبيباً فلتغتسل في وقت كلّ صلاة» (٦).
ثم إنّ الأولى معاقبة الصلاة للغسل ، واشترطها جماعة في صحتها (٧) ، وهو
__________________
(١) كالشهيد الأوّل في البيان : ٦٦ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٨٥.
(٢) الدروس ١ : ٩٩.
(٣) المدارك ٢ : ٣٥.
(٤) المنتهي ٢ : ٤٢٤.
(٥) الكافي ٣ : ٨٣ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٨١ ح ١١٨٣ ، الوسائل ٢ : ٥٤٢ أبواب الحيض ب ٥ ح ١.
(٦) التهذيب ١ : ٤٠٢ ح ١٢٥٩ ، الاستبصار ١ : ١٤٩ ح ٥١٦ الوسائل ٢ : ٦٠٧ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١١.
(٧) حكاه واستحسنه في المدارك ٢ : ٣٥.