والمراد بالفسق : هو ارتكاب الكبيرة ، وإن كان بالإصرار على الصغيرة ، ولذلك قال في المقنعة : وغسل التوبة من الكبائر (١) ، والرواية أيضاً لا تفيد إلّا ذلك.
وبالجملة الفسق مقابل العدالة ، ولا يصدق بمجرّد فعل الصغيرة ، كما سيجيء ، فلا يحسن حمل كلام الفقهاء على خلاف الظاهر. هذا إن لم نقل بأنّ ترك الكبائر مكفّر للصغائر ، وإلّا فالأمر أظهر.
والرواية التي استدلّوا بها : ما رواه الكليني في الموثّق ، عن الصادق عليهالسلام : في حكاية دخول رجل على الصادق عليهالسلام وسؤاله عن استمراره على استماع غناء الجواري المغنّيات التي كانت لجيرانه وصوت عودهن في الكنيف (٢). ولو لم نقل بكون سماع الغناء من الكبائر فيكفي كونه مصرّاً عليه ، وإلّا فقول الزور ولهو الحديث مفسّر بالغناء (٣) ، فيكون من الكبائر. وفي بعض الأخبار : «إن تعليم المغنّيات كفر واستماعهن نفاق» (٤).
وأما الغسل للتوبة عن الكفر ، فيظهر الإجماع عليه من الفاضلين (٥) ، ونقل في البحار عن كتاب سلام بن أبي عمرة ، عن الباقر عليهالسلام ما يدلّ عليه (٦).
وحمل الروايتين على الاستحباب مع كونهما ظاهرتين في الوجوب للأصل ، والإجماع.
__________________
(١) المقنعة : ٥١.
(٢) التهذيب ١ : ١١٦ ح ٣٠٤ ، الوسائل ٢ : ٩٥٧ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٨ ح ١. وفيه : قم فاغتسل وصلّ ما بدا لك واستغفر الله واسأله التوبة.
(٣) انظر الوسائل ١٢ : ٢٢٥ أبواب ما يكتسب به ب ٩٩.
(٤) الوسائل ١٢ : ٨٧ أبواب ما يكتسب به ب ١٦ ح ٥ ٧.
(٥) المعتبر ١ : ٣٥٩ ، المنتهي ٢ : ٤٧٤.
(٦) بحار الأنوار ٧٨ : ١٤ أبواب الأغسال ب ١ ح ١٧ ، وفيه : معروف بن خربوذ المكّي عن أبي جعفر (ع) قال : دخلت عليه فذكرت باب القدر ، فقال : لا أراك إلّا هناك ، قال قلت : جعلت فداك إنّي أتوب منه ، فقال : لا والله حتّى تخرج إلى بيتك وتغتسل وتتوب منه إلى الله كما يتوب النصراني من نصرانيته ، قال : ففعلت.