إسقاط ، لا امتثال لكلّ واحد.
فما قيل : «من أنّ الظاهر أنّ الأمر بشيء من جهة أسباب مختلفة يقتضي جواز الاكتفاء بواحد ، لأنّ المطلوب هو المسمّى ، فيصدق الامتثال بذلك» (١) فهو بمعزل عن التحقيق.
نعم إن ثبت دليل من الشرع على سقوط التكليف بالمتعدد بفعل واحد فهو المتّبع ، والامتثال حينئذٍ إنّما هو لهذا الدليل ، لا للأوامر المتعددة بتعدد الأسباب.
وذلك لأنّ علل الشرع من قبيل المعرفات ، بمعنى أنّها علّة حصول العلم بالشيء لا وجوده ، فلا يستحيل اجتماعها على معلول واحد ، وإن كان ذلك يخالف فهم العرف واللفظ.
ثم إن كانت الأغسال واجبة ، فإن كان فيها الجنابة ، فإن قصد الجميع ، فيكفي غسل واحد. وظاهرهم الاتفاق على ذلك ، وحسنة زرارة بل صحيحته ناطقة به ، قال : «إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة وعرفة والنحر والحلق والذبح والزيارة ، فإذا اجتمعت لله عليك حقوق أجزأها عنك غسل واحد» قال ثم قال : «وكذلك المرأة يجزئها غسل واحد لجنابتها وإحرامها وجُمعتها وغسلها من حيضها وعيدها» (٢).
ورواية جميل ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما عليهالسلام ، أنّه قال : «إذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر أجزأ عنه ذلك الغسل من كلّ غسل يلزمه في ذلك اليوم» (٣).
وصحيحة زرارة ، عن الباقر عليهالسلام : ميّت مات وهو جنب ، كيف يغسّل ، وما يجزئه من الماء؟ قال : «يغسّل غسلاً واحداً ، يجزئ ذلك للجنابة ولغسل الميت ،
__________________
(١) الذكرى : ٢٥.
(٢) الكافي ٣ : ٤١ ح ١ ، الوسائل ١ : ٥٢٥ أبواب الجنابة ب ٤٣ ح ١.
(٣) الكافي ٣ : ٤١ ح ٢ ، الوسائل ١ : ٥٢٦ أبواب الجنابة ب ٤٣ ح ٢.