لا عزيمة كما سنحقّقه بدا له الترك أو لم يتيسّر له ، فلا يبعد حينئذٍ الإجزاء به ، مع إشكال فيه أيضاً.
والكلام في الوضوء هنا مثل السابق ، إلّا أنّ الإجزاء هنا أظهر ، لكونه غسل جنابة.
وإن كان المنوي غير الجنابة ، فقد نفى الفاضلان وغيرهما البحث والإشكال في الإجزاء على قول السيد ، واستشكلوا على المشهور في إجزاء الغسل فقط ، ثم استشكلوا بعد الوضوء أيضاً (١).
وظنّي أنّ الفرق بين المذهبين مما لم يدلّ عليه دليل ، ولعلّهم نظروا إلى مغايرة الأغسال حينئذٍ من جهة توهّم كون الوضوء من متممات الغسل في غير الجنابة ، وقد حقّقنا سابقاً خلافه ، فلا منافاة بين إجزاء غسل الحيض عن الجنابة مع وجوب الوضوء ، فإنّ غاية ما ثبت سقوط الوضوء عن الأحداث الموجبة له إذا اغتسل غسل الجنابة ، وأما سقوطه إذا اغتسل ما يسقط غسل الجنابة فلا برهان عليه. فظهر من ذلك أنّ الأظهر عدم سقوط الوضوء.
وبالجملة فكلماتهم في المسألة مضطربة غير منقّحة.
وذهب جماعة من المتأخّرين إلى الإجزاء ، لصدق الامتثال (٢).
وأدلّتهم المذكورة من الطرفين متهافتة ، فمما يمكن أن يُعتمد عليه من جانب العدم : أصالة عدم التداخل ، ومن جانب الثبوت الأخبار. ودلالة الأخبار غير واضحة ، إذ ظاهر أكثرها قصد الجميع ، وظاهر بعضها كفاية قصد
__________________
(١) انظر المعتبر ١ : ٣٦١ ، والمنتهي ٢ : ٢٤٤ ، ونهاية الأحكام ١ : ١١٢. وقول السيد : هو عدم لزوم الوضوء مع الغسل مطلقاً. انظر جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) ٣ : ٢٤ ، والمعتبر ١ : ١٩٦ ، والمختلف ١ : ٣٤٠.
(٢) كالشهيد الأوّل في الذكرى : ٢٥ ، والمقدس الأردبيلي في مجمع الفائدة ١ : ١٣١ ، وصاحب المدارك ١ : ١٩٤.