الإعراض عن الآية ، وعلى الأوّل فلا بد من الدليل في إثبات التأخير حتّى في صورة العلم.
وعلى هذا فيكون اختيار الأمرين لمحض التعبّد ، لعدم مدخليّة التأخّر في الصدق العرفي إذا علم بالعدم ، وكذلك الطلب المحدود لا يوجب ذلك كليّة ، ولكن الشأن في الدليل.
ويشجّعني ما ذكرته مضافاً إلى القرائن الخارجة على أن أقول : إنّ نسبة وجوب التأخير مطلقاً إلى المشهور وهم نشأ من المتأخّرين ، والظاهر أنّهم رأوا إطلاق كلماتهم وفتواهم بوجوب التأخير مطابقاً للروايات فظنّوا أنّهم قائلون بذلك حتّى في صورة العلم.
وظنّي أنّهم موافقون لابن الجنيد ، إلّا أنّ ابن الجنيد صرّح بالتفصيل وهم أطلقوا موافقاً للروايات.
وكما ذكرنا أنّ الروايات ظاهرها التفصيل فكذلك إطلاق كلام الفقهاء ، ولم أقف على مصرّح بوجوب التأخير وإن علم فقدان الماء وعدم التمكّن ، وإنّما نسب ذلك في المختلف إلى المشهور (١).
والذي يشهد بذلك أنّه في المختلف بعد نسبته إلى المشهور قال : ذهب إليه الشيخ والسيد وأبو الصلاح وسلّار وابن إدريس وابن البرّاج ثم قال : وهو الظاهر من كلام المفيد.
والذي يحضرني من كلام هؤلاء المشايخ هو المقنعة ونهاية الشيخ والانتصار والمسائل الناصريّة والسرائر ، وكلامهم لا ينافي مذهب ابن الجنيد قطعاً ، بل الظاهر منهم موافقته.
فقال المفيد في المقنعة : ومن فقد الماء فلا يتيمّم حتّى يدخل وقت الصلاة ، ثم
__________________
(١) المختلف ١ : ٤١٤.