يطلبه أمامه ، وعن يمينه ، وعن شماله ، مقدار رمية سهمين من كلّ جهة إن كانت الأرض سهلة ، وإن كانت حزنة طلبه في كلّ جهة مقدار رمية سهم ، فإن لم يجد يتيمّم في آخر أوقات الصلاة عند الإياس منه ، ثم صلّى بتيمّمه (١).
وأما السيد في الانتصار ، فبعد ما جعل وجوب تأخير التيمّم إلى آخر الوقت من منفردات الإماميّة في مقابل خلاف أبي حنيفة في جواز التقديم على الوقت ، والشافعي في جوازه في أوّل الوقت ، واستدل بالإجماع قال : وأيضاً فإنّ التيمّم بلا خلاف إنّما هو طهارة ضرورة ، ولا ضرورة إليه إلّا في آخر الوقت ، وما قبل هذه الحال لم تتحقّق فيه ضرورة (٢).
ويقرب منه كلامه في الناصريّة (٣).
وليس ذلك من قبيل أكل الميتة من حيث مطلوبيّة تقليل زمان أكله كمقداره ، فإنّ من يرجو الحلال يجب عليه التأخير بقدر الطاقة حتّى يحصل الحلال ، ومن لا يرجوه فيؤخّر أيضاً ليكون ذلك لمجرّد سد الرمق ، فيحصل التقليل في الأكل في العدد كالكمّ.
ولا يتصوّر ذلك في التيمّم ، فإنّ المتصوّر فيه إنّما هو رفع الحاجة بالمائيّة ، وبعد العلم بعدمه إلى آخر الوقت ، فلا يبقى مانع عن تحقّق الضرورة.
وأما ما ذكروه من أنّ من شرائط التيمّم التأخير إلى آخر الوقت وعدم الماء بعد الطلب المعلوم وجمعوا بين ذكر الشرطين ، فهو أيضاً لا ينافي ما ذكرنا كما لا يخفى.
وبالجملة فالأقوى هو التفصيل.
وحينئذٍ ، فعلى ما ذكرنا أنّ مراد المشهور هو أيضاً ذلك ، فالروايات كافية في تخصيص ظاهر الكتاب لو سلّم الصدق العرفي أيضاً ، وكذلك عموم سائر
__________________
(١) المقنعة : ٦١.
(٢) الانتصار : ٣١.
(٣) المسائل الناصريّة (الجوامع الفقهيّة) : ١٨٩.