الأخبار والإجماعات المنقولة أيضاً لم تعلم إرادة ناقليها ما يشمل خصوص صورة العلم ، بل الإجماعات أيضاً مطلقة كفتاويهم ، والإجماع لا يقبل التخصيص كما ذكرنا.
فعمل الأصحاب ، مع تلك الإجماعات وهذه الروايات ، يصير أقوى من العمل بتلك العمومات ، فإنّ الخاص مقدّم على العام.
مع أنّ فرض حصول العلم بعدم التمكّن من الفروض النادرة التي لا تكاد توجد ، ولذلك لم يتعرّض الجمهور لبيانه ، فحسب من نسب إليهم التعميم لذلك ، والعمومات والخصوصات والفتاوى والإجماعات كلّها واردة مورد الغالب.
وأما الأخبار الدالّة على عدم وجوب الإعادة في الوقت (١) ، فمحمولة على ما لو كُشف فساد ظنّه في اعتبار التضيّق ، إذ لا يعتبر فيه اليقين جزماً ، وذلك التخلّف شائع غير نادر كما لا يخفى.
ثم لا وجه للقدح في دلالة الروايات ، لأنّ الأمر حقيقة في الوجوب ، ولا تنفيه رواية محمّد بن حمران (٢) ، لعدم المقاومة.
فظهر بذلك ضعف التوسعة ، وقوّة التفصيل ، وعليه اعتمد ، وبه أفتي ، والله العالم.
ثم إنّ الظاهر مما استفيد من الأخبار الدالّة على اعتبار الضيق : هو اعتباره في صلاة الفريضة الحاضرة لغير المتيمّم ، ولم يعلم من نقل (٣) الإجماع أيضاً إلّا ذلك ، فإنّ الإجماع من الأدلة القطعيّة التي لا تقبل التخصيص ، فتدور حجيته مدار العلم بالتحقّق ، أو بكونه مورد نقل الناقل قطعاً.
فعلى هذا ، فلو تيمّم لفريضة جاز له الدخول في أُخرى من دون اعتبار التضيق
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٩٨١ أبواب التيمّم ب ١٤.
(٢) التهذيب ١ : ٢٠٣ ح ٥٩٠ ، الاستبصار ١ : ١٦٦ ح ٥٧٥ ، الوسائل ٢ : ٩٩٢ أبواب التيمّم ب ٢١ ح ٣.
(٣) في «ز» ، «ح» : نقله.