والاستدلال بقوله تعالى (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ) (١) ضعيف ، إذ بعد تسليم كون المراد من الرجز المني دون الجنابة أو غيرها ليس فيه دلالة على النجاسة ، وإرادة الطهارة من الخبث من قوله تعالى (لِيُطَهِّرَكُمْ) ليس بأولى من إرادة الطهارة من الحدث.
وأما مني ما لا نفس له ، فقد تردّد فيه بعض الأصحاب (٢) ، وصرّح جماعة منهم بطهارته (٣) ، وهو الأقوى ، للأصل ، وعدم استفادة حكمه من الأخبار.
وأما الدم فأما بالإجمال فلا ريب في نجاسته ، وهو إجماعيّ مدلول عليه بالأخبار المعتبرة.
وأما التفصيل ، فإن كان من ذي النفس فنجس قليله وكثيره ، خلافاً لابن الجنيد في الأقلّ من الدرهم (٤) ، وهو ضعيف.
واستثني من ذلك : ما يتخلّف في اللحم ، وسيجيء الكلام فيه.
أما نجاسة أصل هذا الدم ، فإجماعيّة كما نقله الفاضلان (٥) وغيرهما (٦) ، وظاهر المدّعين للإجماع على مطلقه ، سواء كان مسفوحاً أي مصبوباً من عرق بقوّة أو كان من أثر الخدشة والشوكة ، وهو مقتضى إطلاق الفتاوى والأخبار.
وما يتوهّم من كلام العلامة في المنتهي وغيره من تقييده بالمسفوح (٧) ، فمراده إخراج المتخلّف في اللحم ، لا ما تقدّم ، كما تشهد به سائر كلماته.
__________________
(١) الأنفال : ١١.
(٢) كالمحقّق في الشرائع ١ : ٤٣ ، والمعتبر ١ : ٤١٥.
(٣) كالشهيد في البيان : ٩٠ ، وصاحب المدارك ٢ : ٢٦٧.
(٤) نقله في المعتبر ١ : ٤٢٠.
(٥) المحقّق في المعتبر ١ : ٤٢٠ ، والعلامة في المنتهي ٣ : ١٨٨.
(٦) كصاحب المدارك ٢ : ٢٨١.
(٧) لأنّه قال : قال علماؤنا الدم المسفوح من كلّ حيوان ذي نفس سائلة ، أي يكون خارجاً بدفع من عرق نجس وهو مذهب علماء الإسلام. المنتهي ٣ : ١٨٨.