والظاهر أنّ التقييد في الآية أيضاً ناظر إلى ذلك ، فلا دلالة فيه على نفي الحرمة فيما تقدّم حتّى تثبت الطهارة.
وبالجملة فلا إشكال في نجاسة غير المتخلّف في اللحم للإجماع ، والأخبار (١).
وأما المتخلّف في اللحم فهو طاهر حلال بالإجماع ، كما يظهر من جماعة من أصحابنا (٢) ، ونقطع به من تتبع أحوال السلف في كلّ زمان من غير نكير.
وقد يستدلّ عليه بقوله تعالى (أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) (٣).
وقد يستشكل فيه : بأنّ مفهوم الوصف لا حجّيّة فيه ، وعموم الدم في الآية الأُخرى يشمله ، وكذلك سائر الأخبار ، ولا يعارض الخاص المفهوم سيّما إذا ضعف العام المنطوق ، وخصوصاً إذا جُهل التاريخ ، إلّا أن يقال : إنّه من باب مفهوم الحصر ، وهو قوي.
وقيل : عليه أن يعارض الآية الأُخرى ، إما مع الجزء السلبي من الحصر أو الإثباتي ، أما الأوّل فيفيد عكس المطلوب ، فإنّ مطلق الدم حينئذٍ أخص ، وأما الثاني فيرجع إلى اعتبار مفهوم الوصف (٤).
أقول : وغاية ما يستفاد من الحصر نفي الحرمة عن غير الدم المسفوح ، وغير الدم المسفوح أعمّ من الدم المطلق من وجه ، فإنّ غير الدم المسفوح أعمّ من الدم الغير المسفوح ، فلا بد من الرجوع إلى المرجّحات ، فلا يفيد عكس المطلوب أيضاً.
وكيف كان فما ادّعينا من ظهور الآية في إخراج المتخلّف وكون الحصر إضافيّاً بالنسبة إلى ما حرّمه العرب على أنفسهم مما في بطون الأنعام أيضاً مع الإجماع يكفي في إثبات المطلب ، وإن كان الانفهام والظهور من جهة المفهوم الوصفي ، فإنّه
__________________
(١) الوسائل ٢ : ١٠٢٦ أبواب النجاسات ب ٢٠.
(٢) كالعلامة في المختلف ١ : ٤٧٤ ، والسبزواري في الذخيرة : ١٤٩.
(٣) الأنعام : ١٤٥.
(٤) مشارق الشموس : ٣٠٨.