التي كادت أن تبلغ حد التواتر القائلة بأنّ الماء إذا كان قدر كر لم ينجّسه شيء (١) ، الدالّة بمفهوم الشرط ، فإنّ ثبوت الانفعال في الجملة يبطل عدم الانفعال مطلقاً.
وما يتوهّم من أن تنجّس الأقلّ من الكرّ بشيء ما كما هو مفاد المفهوم يتمّ بحمله على المغيّر ولا عموم فيه. فمدفوع بأنّ ذلك لا اختصاص له بالقليل كما لا يخفى.
مع أنّ الظاهر أنّ المراد من قوله عليهالسلام : «لم ينجّسه شيء» مجرّد بيان عدم الانفعال ، سيّما مع ملاحظة سؤال الراوي في بعضها ، لا تحقيق العموم في النجاسات وعدم الانفعال بكلّ منها. فمفهومه حينئذٍ هو الانفعال بالنجاسات مطلقاً ، وهذا يحتاج إلى لطف قريحة.
ومنها : الصحاح المستفيضة الواردة في حكم الكلب وسؤره وولوغه ، سيّما صحيحة البقباق ، حيث سأل الصادق عليهالسلام عن فضل جميع الحيوانات فقال : «لا بأس» حتّى انتهى إلى الكلب فقال : «رجس نجس لا يتوضّأ بفضله ، واصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أوّل مرّة ، ثم بالماء» (٢).
فإنّها تدل في أربعة مواضع منها ، الأوّل : ظهور الحقيقة الشرعيّة في النجس ، ويؤكده الاتباع.
والثاني : النهي عن التوضّؤ للإجماع ظاهراً على أنّه ليس من جهة عدم رافعيّته للحدث ، فيكون للنجاسة ، ويؤكده استلزامه بإطلاقه التيمّم مع اشتراطه بفقد الماء الطاهر.
والثالث : إيجاب الصبّ مع كونه إسرافاً ، ويؤكده ما تقدّم ، سيّما ويجب تحصيل الماء بأعلى القيم ، وبجعل المضاف مطلقاً ، وغير ذلك. والوجوب الغيري أيضاً كافٍ
__________________
(١) الوسائل ١ : ١١٧ أبواب الماء المطلق ب ٩.
(٢) الوسائل ١ : ١٦٢ أبواب الأسآر ب ١ ، ورواية الفضل أبي العباس البقباق في التهذيب ١ : ٢٢٥ ح ٦٤٦ ، الاستبصار ١ : ١٩ ح ٤٠ ، وهو الحديث الرابع من تلك الباب من الوسائل.