ولا وجه للتضعيف أيضاً ، سيّما مع ورود الموثّقة واعتضادها بعمل الأصحاب.
نعم يشكل الاستدلال من جهة أنّ الأخبار مصرّحة بوجود النجاسات المذكورة فيها ، فلا يتمّ فيما لم يحصل العلم ، وفتوى جمهور الأصحاب الحكم بالنجاسة ما لم يعلم طهارتها.
ويمكن أن تنزّل الأخبار على ذلك بإرادة أنّ غُسالة الحمّام مورد هذه الأُمور غالباً ، ويكون ذكر المذكورات بعنوان المثال ، فلا يرد أن يقال : لا يجري هذا الحكم فيما علم انتفاء المذكورات بخصوصها ، فإنّ الظن الغالب حاصل بحصول النجاسات في الحمّام وغسلها فيها.
وهذا هو السرّ في جعل الفقهاء والأُصوليين هذه المسألة مما يقدّم الظاهر على الأصل ، وإلا فمع العلم لا معنى للظهور ، وحينئذٍ فيبقى الإشكال في تنزيل الأخبار على إرادة ذلك ، لا ما علم وجود النجاسات المذكورة.
ثم إثبات ترجيح الظاهر على الأصل ، سيّما وقد روى أبو يحيى الواسطي ، عن بعض أصحابنا ، عن الكاظم عليهالسلام ، قال : سئل عن مجتمع الماء في الحمّام من غُسالة الناس يصيب الثوب ، قال : «لا بأس» (١).
ولا يبعد ترجيح هذه الأخبار المعمول بها عند الأكثرين ، وحمل هذه الرواية مع ضعفها على غير المستنقع ، بل هو صريح الرواية ، فإنّ المستنقع خارج عن الحمّام غالباً.
ويبقى الكلام حينئذٍ في أنّ هذه المياه إنّما تجري من داخل الحمّام إلى الخارج ، فلا وجه لتخصيص المستنقع ، بل حكم صحن الحمّام والمياه الجارية في الصحن من الغسلات مثله.
وجوابه : أنّ الخروج عن الأصل يحتاج إلى دليل قوي ، وهذه الأخبار بعد اللتيا والتي إنّما دلت على نجاسة الغُسالة في المستنقع إذ الظاهر أنّه نجس باعتبار عدم
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٥ ح ٤ ، الفقيه ١ : ١٠ ح ١٧ ، التهذيب ١ : ٣٧٩ ح ١١٧٦ ، الوسائل ١ : ١٥٤ أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ٩.