والندب ، ولا بين الموجبات.
وقد أُورد عليها أيضاً بأنّها تدلّ على وجوب التراوح يوماً بعد نزح يوم. وفيه أنّه إن قرئت كلمة «ثم» مفتوحة فلا إشكال ، وإن ضُمّت فيمكن أن يُراد بها ترتيب بيان الكيفيّة على أصل الحكم ، وذلك من حزازات كلمات عمار ، مع أنّه في المعتبر رواها بدونها (١) ، ولعلّه رواها عن غير الشيخ ، أو عن نسخة صُحّحت عنده هكذا. وعبارة فقه الرضا مصرّحة بالمطلوب من دون حزازة (٢) ، وفهم الأصحاب عصراً بعد عصر ، واستدلالهم بها على المطلوب أعظم مؤيّد لها.
ويؤيّده أنّ التعطيل غير جائز بالإجماع ، كما ادّعاه بعض الأصحاب (٣) ، والاقتصار على نزح البعض تحكّم ، ولا قائل بوجوب أزيد من ذلك.
والظاهر أنّ ما ينزح من البئر قبل حصول العلم بالعجز عن المقدّر لا يحسب من يوم التراوح ، وتنبّه عليه الرواية المتقدّمة وكلام الأصحاب.
والظاهر أنّه لا يحصل الظنّ بالعجز إلّا مع نزح مقدارٍ يحصل معه الظنّ بأنّ الماء الذي كان موجوداً في البئر لم يكن أزيد من ذلك ، والاعتماد في ذلك على حصول التجربة من حال البئر ونحوه نادر لا يلتفت إليه ، لتفاوت الأحوال في السنوات والتقلّبات.
وأيضاً الظاهر وجوب نزح تمام ما كان في البئر ، وإنّما يجب نزح ما يخرج في حال النزح أيضاً من باب المقدّمة ، ففي صورة العجز لا يمكن تحصيل العلم بزوال ما كان فيه ، فيعتمد على الظنّ ، وهو يحصل مع التراوح المذكور.
ثم إنّ الظاهر من الرواية والفتوى حكم العجز من جهة غلبة الماء من جهة قوّة النبع ، ويشكل فيما لو كان من جهة نفس كثرة الماء. ويمكن الاطراد ، للزوم العسر والحرج ، وحمل الرواية وكلام الأصحاب على الغالب في أفراد كثرة الماء.
__________________
(١) المعتبر ١ : ٥٩.
(٢) فقه الرضا (ع) : ٩٤.
(٣) المعتبر ١ : ٦٠.