وأمّا الإطلاقات ، فإنّها واردة في بيان أصل وجوب الغسل ووقته ، لا جميع شرائطه وتوابعه. وكذلك المراد بالتّشبيه إنّما هو في أصل الغُسل كما لا يخفى.
وأمّا الصحيحة ، فمَحمولة على غسل الجنابة بقرينة صحيحة حَكَم ، وإن كان الجواب فيها أيضاً عامّاً ، لأنّ الظاهر أنّ المراد بها الردّ على العامّة ، وادّعاء إشعار العلّة بالاطراد لعدم الفرق غريب ، لأنّ علل الشرائع مخفيّة غالباً ، مع أنّ في الأخبار ما يدلّ على كون غُسل الجنابة أقوى من غيره ، وصرّح في فقه الرضا بأنّه مُسقط للوضوء ، لأنّ أكبر الفرضين يُسقط أصغرهما (١). أمّا السنّة مثل سائر الأغسال فلا يُسقط الفريضة.
وأمّا سائر الأخبار فضعيفة لا جابر لضعفها.
فتبقى موثّقة عمار وإطلاق الصحيحة في مقابل ما ذكرنا من الأدلّة ، ولا ريب في عدم المقاومة ، لموافقتها للكتاب وعمل الأصحاب.
والمشهور التخيير بين تقديم الوضوء وتأخيره ، للأصل والإطلاقات.
وعن جماعة من القُدماء وجوب تقديم الوضوء ، لصحيحة ابن أبي عمير ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «كلّ غسل قبله وضوء إلّا غسل الجنابة» (٢) وما دلّ على أنّ الوضوء بعد الغسل بِدعة (٣) ، وصريح الفقه الرضوي وغيره (٤).
والأقوى الأوّل ، فيُحمل ما دلّ على أنّ تأخيره بِدعة على إرادة غسل الجنابة بملاحظة ضرب من التقيّة ، وصحيحة ابن أبي عمير على الأفضليّة ، كما ذهب إليه
__________________
(١) فقه الرضا (ع) : ٨٢.
(٢) الكافي ٣ : ٤٥ ح ١٣ ، الوسائل ١ : ٥١٦ أبواب الجنابة ب ٣٥ ح ١.
(٣) تقدّمت الإشارة إليه في ص ٦٩.
(٤) فقه الرضا (ع) : ٨٢.