.................................................................................................
______________________________________________________
الأزمنة المتطاولة ، إذ قد يموت أو يغيب الحاكم والشهود ، بخلاف ما لو جوّز ، وحينئذ ينقل من الأول إلى الثاني ومنه إلى الثالث وهكذا.
(الثالث) : أنه لو لم يجوّز لأدى إلى استمرار الخصومة في واقعة واحدة ، إذ قد ينكر الحكم فيجرّه إلى الحاكم ثانيا وهكذا.
(الرابع) : أنه إذا أقرّ الخصم بحكم الحاكم عليه ، لا شكّ في إنفاذه عليه ، فكذا إذا شهد الشهود ، إذ يثبت بالشهود ما يثبت بالإقرار. فتأمّل فإنه يدلّ على سماع الشهود من غير اشتراط بعض ما تقدم ، مثل الإشهاد ، وقول الحاكم لهما : اشهدا على حكمي فإنّي أشهد كما على ذلك.
وبالجملة الدليل على شرع ذلك ما أشرنا إليه ، من أنه لا شكّ في أن حكم الحاكم حجة متّبعة يجب إنفاذه والعمل بمقتضاه ، فينبغي إنفاذه على أي طريق ثبت عند حاكم آخر ، سواء كان بإقرار الخصم ، أو بالبينة من غير تلك الشروط.
والظاهر أنها للاحتياط وحصول اليقين ، فلو فرض حصوله من غيرها ، فالظاهر أنه متّبع. وكذا الكتابة والمشافهة وغير ذلك ، فتأمّل.
ثم إنهم ذكروا أن ذلك في غير حدود الله وحقوقه ، لأن حقوق الله وحدوده مبنية على التخفيف والعفو والدرء بالشبهة.
ولكن الدليل يقتضي العموم ، إلّا أن جواز إسقاط الحدود وحقوق الله ـ وإن كان الحاكم عالما بها ـ غير بعيد. ولهذا قد لا يحد بالإقرار مرة ، بل ولا بالبينة ، ويعلم الإنكار للمقرّ بمثل قوله صلّى الله عليه وآله (لعلّك قبّلت) (١).
وأما استدلال المانع بإجماع الأصحاب على عدم كتابة قاض إلى قاض آخر.
__________________
(١) سنن أبي داود ج ٤ باب ماعز بن مالك.