.................................................................................................
______________________________________________________
العلّة مرتين ، فهي معلّلة مرتين ، والمعللة مقدمة على تقدير التعارض ، فهي إشارة إلى الخبر المستفيض : البينة على المدّعي واليمين على من أنكر (١) ، فهو أيضا دليل هذا الحكم ، فهذا وحده دليل مقدّم على ذاك ، فكيف إذا فهم منه دليل آخر ، وهو الخبر المستفيض.
وكأنه لذلك اختار جماعة كثيرة تقديم بينة الخارج.
ولأن بينة الداخل مؤكّد ، وبينة الخارج مؤسّس ، والتأسيس خير من التأكيد ، لأنه يفيد فائدة جليلة ، وهو أولى ممّا لا يفيد إلّا ما كان ويقرّره فقط ، وهو معقول ومنقول من العلماء ومقرّر بينهم ، وهو ظاهر.
إلّا أن في طريق هذه الرواية إبراهيم بن هاشم ومحمّد بن حفص (٢) ، كأنه قال ابن داود كر ـ جخ (٣) وكيل. ومنصور مشترك.
فسند الأولى أولى ، فلا يمكن ترجيح هذه عليه بأنها معللة ، فإن ذلك بعد التساوي في السند.
وترجيح التأسيس على التأكيد مطلقا ، غير واضح إنما هو في الخطب ومقام الوعظ ، ولا يمكن إثبات الأحكام الشرعية بذلك. ولهذا قدّم بعض الأصوليين دليل الإباحة على الحظر والوجوب وغيرهما ، وإن عكسه بعض آخر لذلك.
والخبر المستفيض ليس بمعلوم كونه دليلا على ذلك ، فإن الظاهر أن مضمونه أن المدعى عليه لا يحتاج في كون الحق له إلى بينة ، بل البينة في ذلك على المدّعي. وإنما عليه اليمين على نفي دعوى المدّعي ، فان لم يكن له بينة فله أن يرده
__________________
(١) عوالي اللئالي ج ١ ص ٤٥٣ حديث ١٨٨.
(٢) سندها كما في التهذيب هكذا : محمّد بن الحسن الصفّار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن حفص ، عن منصور.
(٣) يعني : من أصحاب العسكري ـ رجال الشيخ.