ولو شهدا الرجلين بوصيّة فشهدا للشاهدين بأخرى من التركة قبل الجميع.
______________________________________________________
وقد يفرّق بأنه هناك إنما يشهد بالجرح الموجب للسراية ، فكأنّه يشهد لنفسه ، لأنه كالشهادة بالقتل الموجب للإرث الشهود ، بخلاف ما هنا ، فإنه يشهد له بماله ، والموت لا يثبت بشهادته ، فالموجب للإرث ليس بثابت للشهادة ، وهو ظاهر ولكن محلّ التهمة على حاله.
إلّا أن يقال : عموم أدلّة قبول الشهادة ممّا يجب إعماله ، وكلّ ما ثبت أنه تهمة موجبة للردّ ، ويردّ ، وما لا فلا ، ولم يثبت كون كلّ تهمة كذلك ، فإن من التهمة ما لا يضرّ كما مرّ. فلا بدّ من إثبات كون التهمة بخصوصها موجبا للرد ، بالعقل والنقل من النصّ والإجماع.
فتأمّل ، فإن كون التهمة موجبا للردّ موجود في النصوص ، مثل الفسوق ، فلا يحتاج إلى النصوص ، نعم يخرج كلّ ما ثبت أنه ليس ممّا يضرّ ، مثل الأمثلة المتقدّمة.
إلّا أن يقال : ما ثبت تلك الكليّة لنصّ ولا إجماع ، بل إنما ثبت المهمل والمجمل ، فيمكن ترجيح قبول الشهادة ، للنصوص الكثيرة من القرآن والأخبار المتواترة ، والإجماع المعلوم ، ولبعد شهادة الزور من العدل جدّا ، فما لم يثبت كون التهمة ممّا ترد به الشهادة لا تردّ.
قوله : «ولو شهدا لرجلين إلخ». لو شهد شاهدان مقبولان بأن زيدا أوصى لهما بكذا فيشهد ذلك الرجلان للشاهدين ، بوصيّة أخرى من تركة زيد قبل شهادة الجميع ، لحصول شرائط قبول الشهادة ، وعدم المانع من التهمة المتوهّمة ، فإنه قد يتوهّم أن ما شهد الأوّلان لتواطئهما مع الآخرين انهما شهدا لهما ، هما أيضا يشهدان لهما ، وذلك توهّم باطل ، لبعد العدل ، بل المسلم عن مثل هذه الخديعة ، فلا يحكم بها إلّا إذا ثبتت.