.................................................................................................
______________________________________________________
الجرح والتعديل ، فصارا كأن لم يكونا ، فصار شهود الأصل مجهولي الحال ، فتأمّل.
وأمّا وجود الترجيح ونفي التعارض :
(منها) ما رجّحوا به الجارح للجمع ، مثل أن أطلقا ، أو قيّد أحدهما دون الآخر ، أو قيدا بحيث تغاير الوقتان وأمكن التغيير والتعدّد في ذلك الزمان ، فيمكن المزكّي ما رأى منه الفسق ورآه الجارح وكان في وقت متّصفا بأحدهما ، وفي وقت آخر بآخر ، فلا تعارض وتكاذب حقيقة ، وهو ظاهر.
ولكن يمكن أن يرجّح المزكّي في بعضها ، فإنه قد يكون الفسق مقدّما ثم تاب عن ذلك وصار عدلا ، ولا شكّ أنّه يرجح المزكّي على تقدير العلم بالتقدم ، بحيث يمكن في ذلك الوقت حصول الملكة.
وعلى القول بكفاية التوبة يكفي مجرّد التقدّم وإن اعتبر معها إصلاح العمل في الجملة كما هو الظاهر من الآيات (١) والأخبار (٢) يجب التقدّم بمقدار إمكان إصلاح العمل فيه ، وهو ظاهر.
وإنّما الإشكال مع الاشتباه في التقدّم والتأخّر ، وفي تعدّد الزمان واتّحاده ، فإنّ ظاهر كلامهم ترجيح الجارح لما مر.
ويمكن ترجيح المعدّل بالجمع على الوجه الذي تقدم ، فصار التعارض بين الوجهين حمل المعدّل على عدم رؤيته الفسق والجارح على رؤيته ، والحمل على تقدّم الذنب وتأخّر العدالة الظاهرة بالتوبة والعمل الصالح ، أو الملكة.
وقد يرجّح الأخير ، بأن حمل المعدّل على عدم تحقّق الملكة وغفلته عنها ،
__________________
(١) قال الله تعالى (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) ـ النساء : ١٧.
(٢) الوسائل باب ٨٧ من أبواب جهاد النفس وما يناسبه ولا سيّما حديث ٤ عن نهج البلاغة أنّ قائلا قال بحضرته : أستغفر الله ، فقال : ثكلتك أمك أتدري ما معنى الاستغفار إلخ ، ج ١١ ص ٣٦١.