نجساً وشك في بقائها ، فالاستصحاب يقتضي نجاسته ، وذلك لأن أحد طرفي العباء مقطوع الطهارة والطرف الآخر مشكوك النجاسة من أوّل الأمر ، وليس لنا يقين بنجاسة طرف معيّن يشك في بقائها ليجري الاستصحاب فيها.
نعم ، يمكن إجراؤه في مفاد كان التامة بأن يقال : إنّ النجاسة في العباء كانت موجودة وشك في ارتفاعها فالآن كما كانت ، إلاّأ نّه لا تترتب نجاسة الملاقي على هذا الاستصحاب إلاّعلى القول بالأصل المثبت ، لأنّ الحكم بنجاسة الملاقي يتوقف على نجاسة ما لاقاه وتحقق الملاقاة خارجاً ، ومن الظاهر أنّ استصحاب وجود النجاسة في العباء لا يثبت ملاقاة النجس إلاّعلى القول بالأصل المثبت ، ضرورة أنّ الملاقاة ليست من الآثار الشرعية لبقاء النجاسة ، بل من الآثار العقلية ، وعليه فلا تثبت نجاسة الملاقي للعباء.
ونظير ذلك ما ذكره الشيخ (١) قدسسره في استصحاب الكرية فيما إذا غسلنا متنجساً بماء يشك في بقائه على الكرية ، من أنّه إن اجري الاستصحاب في مفاد كان الناقصة بأن يقال : إنّ هذا الماء كان كراً فالآن كما كان ، فيحكم بطهارة المتنجس المغسول به ، لأن طهارته تتوقف على أمرين : كرية الماء ، والغسل فيه ، وثبت الأوّل بالاستصحاب والثاني بالوجدان ، فيحكم بطهارته ، بخلاف ما إذا اجري الاستصحاب في مفاد كان التامة بأن يقال : كان الكر موجوداً والآن كما كان ، فانّه لا يترتب على هذا الاستصحاب الحكم بطهارة المتنجس إلاّعلى القول بالأصل المثبت ، لأنّ المعلوم بالوجدان هو غسله بهذا الماء ، وكريته ليست من اللوازم الشرعية لوجود الكر ، بل من اللوازم العقلية له.
وفي هذا الجواب أيضاً مناقشة ظاهرة ، إذ يمكن جريان الاستصحاب في
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٦٦٠ ، وراجع كتاب الطهارة ١ : ١٦١.