قوله تعالى : (وَحَرَّمَ الرِّبا)(١) وبين قوله عليهالسلام : «لا ربا بين الوالد والولد» (٢) إذ مفاد الأوّل ثبوت الحرمة على تقدير وجود الربا ، ومفاد الثاني عدم وجوده ، وبعد انتفاء الربا بينهما بالتعبد الشرعي تنتفي الحرمة لا محالة.
وكذا لا منافاة بين أدلة الاستصحاب والأمارة القائمة على ارتفاع الحالة السابقة ، فان مفاد أدلة الاستصحاب هو الحكم بالبقاء على تقدير وجود الشك فيه ، ومفاد الأمارة هو الارتفاع وعدم البقاء ، وبعد ثبوت الارتفاع بالتعبد الشرعي لا يبقى موضوع للاستصحاب. ولا فرق في عدم جريان الاستصحاب مع قيام الأمارة بين كونها قائمة على ارتفاع الحالة السابقة أو على بقائها ، إذ بعد ارتفاع الشك بالتعبد الشرعي لا يبقى موضوع للاستصحاب في الصورتين ، فكما لا مجال لجريان استصحاب النجاسة بعد قيام البينة على الطهارة ، فكذا لا مجال لجريانه بعد قيام البينة على بقاء النجاسة.
وظهر بما ذكرناه فساد ما في الكفاية (٣) من أنّ لازم القول بكون تقديم الأمارات على الاستصحاب من باب الحكومة جريان الاستصحاب فيما إذا قامت الأمارة على بقاء الحالة السابقة.
وقد يتوهم أنّ كون الأمارة حاكمةً على الاستصحاب إنّما يصح على المسلك المعروف في الفرق بين الأمارات والاصول ، من أنّه قد اخذ في موضوعها الشك ، بخلاف الأمارة فانّ أدلتها مطلقة ، فانّ الأمارة مزيلة للشك بالتعبد الشرعي ،
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٧٥.
(٢) ورد مضمونه في الوسائل ١٨ : ١٣٥ / أبواب الربا ب ٧ ح ١ وغيره.
(٣) كفاية الاصول : ٤٢٩.