والأقوى التقديم فيما لم يتضمن دعوى. وقال في جامع المقاصد (١) في شرح هذه العبارة : إنّ المستأجر إن ادعى تعيين المدة أو الاجرة باجرة المثل أو أزيد منها : لم يتضمن قوله دعوى شيء سوى صحة الاجارة ، فيقدّم قوله بمقتضى أصالة الصحة ، وإن ادعى التعيين بأقل من اجرة المثل يكون مدعياً لشيء زائد على صحة الاجارة يكون ضرراً على المؤجر ، فلا وجه لتقديم قوله ، إذ الزائد المذكور من لوازم صحة الاجارة ، وليست أصالة الصحة حجةً بالنسبة إلى اللوازم كما ذكرنا.
وردّه المحقق النائيني (٢) قدسسره أنّه لو ادعى المستأجر التعيين باجرة المثل أو أزيد ، لا مجال لجريان أصالة الصحة ، لعدم ترتب أثر عليها ، فانّ اجرة المثل ثابتة في ذمة المستأجر ، سواء كانت الاجارة صحيحة أم فاسدة. أمّا في صورة الصحة فواضح. وأمّا مع الفساد ، فلقاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.
أقول : ما ذكره المحقق النائيني قدسسره يتم فيما إذا كان اختلاف المؤجر والمستأجر بعد انقضاء المدة. وأمّا لو كان اختلافهما في أثناء المدة فلا يكون جريان أصالة الصحة لغواً ، فانّه لو استأجر داراً في شهر مثلاً ، واختلفا في الاجرة في أثناء الشهر ، فادعى المستأجر تعيين الاجرة وأنكره المؤجر ، فأصالة الصحة وإن كانت بالنسبة إلى ثبوت اجرة المثل غير مثمرة ، إلاّأ نّها تثمر بالنسبة إلى تسليم العين ، فعلى تقدير جريانها ليس للمؤجر مطالبة العين المستأجرة إلى انقضاء المدة ، وللمستأجر الانتفاع بها في بقية المدة ، بخلاف ما إذا
__________________
(١) جامع المقاصد ٧ : ٣١٠.
(٢) أجود التقريرات ٤ : ٢٥٣ ، فوائد الاصول ٤ : ٦٦٩.