الأمر بها بحال ، وعليه فيقع التعارض بين إطلاق دليل شرطية الوضوء وإطلاق دليل شرطية طهارة الثوب ، إذ لنا علم إجمالاً بوجوب الصلاة في هذا الحال ، إمّا مع الطهارة المائية في ثوب نجس ، وإمّا مع الطهارة الترابية في ثوب طاهر ، ولا ندري أنّ المجعول في الشريعة أيّهما ، وحيث إنّ مقتضى إطلاق دليل الوضوء هو الأوّل ، ومقتضى إطلاق دليل طهارة الثوب هو الثاني ، يقع التكاذب بينهما لا محالة ، فلا بدّ من الرجوع إلى مرجحات باب التعارض ، ومع فقدها يرجع إلى الأصل العملي ، وحيث إنّا نعلم بتقييد الصلاة بأحد الأمرين ، واعتبار خصوصية كل منهما مجهول يرفع بأصالة البراءة ، فالمكلف مخيّر بين صرف الماء في التطهير من الخبث ، والاتيان بالصلاة مع الطهارة الترابية ، وصرفه في الوضوء والاتيان بالصلاة في الثوب النجس أو عرياناً ، وإن كان الأوّل أحوط ، لوجود القول بالتعيين.
المرجح الثالث : كون أحد المتزاحمين أهم من الآخر ، فيجب تقديم الأهم على المهم بحكم العقل. وهذا المرجح من القضايا التي قياساتها معها ، فانّ تقديم المهم يوجب تفويت المقدار الزائد من المصلحة ، بخلاف تقديم الأهم. ومن الأمثلة الواضحة دوران الأمر بين إنقاذ ابن المولى وماله ، فانّ العقل مستقل بتقديم الأوّل. وأوضح منه دوران الأمر بين إنقاذ نفس المولى وماله. وبالجملة : لا يحتاج الترجيح بهذا المرجح إلى مؤونة الاستدلال والبيان.
المرجح الرابع : كون أحد الواجبين سابقاً على الآخر من حيث الزمان ، بأن يكون ظرف امتثال أحدهما مقدّماً على الآخر زماناً ، مع كون الوجوب فعلياً في كل منهما بنحو التعليق ، كما إذا نذر أحد صوم يوم الخميس ويوم الجمعة ، ثمّ علم بعدم قدرته على الصوم فيهما ، فيختار صوم يوم الخميس ، لكونه مقدّماً زماناً على صوم يوم الجمعة. وكذا إذا دار الأمر بين ترك القيام في صلاة الظهر