باعتبار المدلول ، أو من قبيل الثاني ليمكن التفكيك؟ الظاهر هو الثاني ، ألا ترى أنّه لو قامت بينة على أنّ ما في يد زيد ـ وهي عشرة دراهم ـ لعمرو ، ثمّ قامت بينة اخرى على أنّ خمسة منها لبكر ، لا إشكال في أنّه يؤخذ بالبيّنة الاولى ، ويحكم بأنّ خمسة دراهم مما في يد زيد لعمرو ، وتتعارض مع البينة الثانية في الخمسة الباقية. وكذلك لو قامت بيّنة على أنّ هذين المالين لزيد وأقرّ زيد بأن أحدهما ليس له ، يؤخذ بالبينة في غير ما أقرّ به من المالين.
وبالجملة : لا وجه بعد سقوط بعض المدلول عن الاعتبار لسقوط بعضه الآخر ، وليس هذا تفكيكاً في المدلول من حيث الصدور ، بل تفكيك في المدلول من حيث الحجية. ولا يقاس المقام ـ أي الدلالة التضمنية ـ على الدلالة الالتزامية التي ذكرنا سابقاً أنّها تسقط عن الحجية عند سقوط الدلالة المطابقية ، وذلك لأنّ الدلالة الالتزامية فرع للدلالة المطابقية وتابعة لها ثبوتاً وإثباتاً تبعية المعلول لعلته ، بخلاف المقام فانّ دلالة اللفظ على بعض مدلوله ليست تابعة لدلالته على بعضه الآخر لا ثبوتاً ولا إثباتاً ، فلو قامت بيّنة على كون قباء وعباء لزيد ، واعترف زيد بعدم كون القباء له ، لا يلزم منه عدم كون العباء أيضاً له ، لعدم كون ملكية العباء تابعة لملكية القباء لا ثبوتاً ولا إثباتاً. وعلى هذا ففيما إذا كان التعارض بين الدليلين بالعموم من وجه يؤخذ بكل منهما في مادة الافتراق ، ويرجع إلى المرجّحات المنصوصة في مادة الاجتماع ويؤخذ بما فيه الترجيح على الآخر. والقول بعدم إمكان الرجوع إلى مرجّحات الصدور لأنّ السند لا يتبعض فاسد ، لما عرفت من أنّه ليس تفكيكاً في الصدور ، بل تفكيك في الحجية باعتبار المدلول.
وبعبارة اخرى : نتعبد بصدوره دون عمومه ، لامكان أن يكون الكلام صادراً عن الإمام عليهالسلام على غير وجه العموم بقرينة لم تصل إلينا ، هذا فيما إذا