بها ، بل ربما تكون غير اختيارية كالميل والشوق والمصلحة والمفسدة مثلاً ، وهي خارجة عن محل الكلام ، فانّ الكلام في الشرطية والسببية والمانعية بالنسبة إلى المجعول وهو التكليف ، وقد ذكرنا أنّها مجعولة بتبع التكليف ، فكلّ ما اعتبر وجوده في الموضوع ، فتنتزع منه السببية والشرطية ، وكلّ ما اعتبر عدمه فيه فتنتزع منه المانعية. وظهر بما ذكرناه حال :
القسم الثاني من الأحكام الوضعية ، فانّه أيضاً منتزع من التكليف ، والفرق بينه وبين القسم الأوّل ، أنّ الشرطية والمانعية بالنسبة إلى التكليف إنّما تنتزعان من اعتبار شيء وجوداً أو عدماً في الموضوع وهو المكلف ، بخلاف الشرطية والمانعية بالنسبة إلى المكلف به ، فانّهما منتزعتان من اعتبار شيء في متعلق الأمر وهو المكلف به ، فان اعتبر فيه شيء وجوداً ، فتنتزع منه الشرطية ويقال : إنّ الاستقبال مثلاً شرط للصلاة ، أو التستر شرط لها ، وإن اعتبر فيه شيء عدماً ، فتنتزع منه المانعية ، ويقال : إنّ أجزاء غير مأكول اللحم مانعة عن الصلاة.
فتلخص مما ذكرناه : أنّه إذا أمر المولى بشيء ولم يقيده بشيء وجوداً ولا عدماً ، فليس هنا شرط ولا مانع ، لا للتكليف ولا للمكلف به ، وإذا أمر بشيء مقيداً بوجود شيء في الموضوع كالاستطاعة ، فهو شرط للتكليف ، أو بعدمه فيه فهو مانع عنه كالحيض ، وإذا أمر بشيء مقيداً بوجود شيء في المكلف به فهو شرط للمكلف به كالاستقبال ، أو بعدمه فيه فهو مانع عنه كأجزاء غير المأكول ، وإذالم يقيد المولى المكلف به بشيء فهو مطلق.
وظهر بما ذكرنا أنّ الجزئية أيضاً أمر منتزع من أمر المولى بالمركب ، فاذا أمر بعدة امور من التكبير والقراءة والسورة والركوع والسجود وغيرها ، تنتزع منه الجزئية ويقال : إنّ السورة مثلاً جزءٌ للصلاة.