قد يكون الشخص مالكاً ولا يجوز له التصرف كالسفيه والعبد على القول بملكه ، وكذا في العين المرهونة ، وقد يجوز التصرف له مع عدم كونه مالكاً كما في المباحات الأصلية. وكذا النسبة بين الملكية وعدم جواز تصرف الغير أيضاً هو العموم من وجه ، فقد يكون الشخص مالكاً لشيء ويجوز لغيره التصرف فيه ، كما في حق المارة والأكل عند المخمصة ، وقد لا يجوز للغير التصرف مع عدم كون هذا الشخص مالكاً كما في العين المرهونة ، فانّه لا يجوز التصرف فيها للراهن مع عدم كونها ملكاً للمرتهن ، فكيف يمكن القول بأنّ الملكية منتزعة من جواز التصرف أو من عدم جواز تصرف الغير.
هذا كلّه مضافاً إلى أنّه يلزم على ما ذكره الشيخ قدسسره عدم جريان الاستصحاب فيما إذا زوّج أحد صغيرةً ثمّ بلغت وشك في أنّه طلّقها أم لا ، فانّه لا يجري الاستصحاب في الحكم الوضعي وهو الزوجية ، لكونه منتزعاً من التكليف ، فيكون تابعاً لمنشأ الانتزاع حدوثاً وبقاءً ، ولا في الحكم التكليفي وهو جواز الوطء لكونه مسبوقاً بالعدم ، لعدم جواز وطء الزوجة الصغيرة ، إلاّ أن يقال : إنّه يجري الاستصحاب في الحكم التكليفي بنحو التعليق بناءً على حجية الاستصحاب التعليقي فيقال : إنّ هذه المرأة لو بلغت سابقاً كان وطؤها جائزاً والآن كما كان ، وعلى ما ذكرنا من كون الزوجية مجعولةً بالاستقلال ، يجري الاستصحاب فيها بلا إشكال ويترتب عليه جواز الوطء.
فالمتحصل مما ذكرناه في المقام : أنّ الأحكام الوضعية على قسمين : قسم منها مجعول بالاستقلال كالملكية والزوجية ، وقسم منها منتزع من التكليف إمّا باعتبار شيء في الموضوع أو في المتعلق.
بقي الكلام في امور قد اختلف في أنّها من الأحكام الوضعية أم لا :