قلت : دلالتهما (١) على العموم والاستيعاب ظاهراً مما لا ينكر ، لكنه (٢)
______________________________________________________
(١) أي : النفي والنهي ، وغرضه تأييد الإيراد الأول ، وهو : كون النهي كالأمر في كون العموم فيهما مستنداً إلى مقدمات الحكمة.
ومحصل ما أفاده (قده) : أن النفي والنهي وان كانا دالين على العموم بلا كلام ، إلّا أن استفادة العموم منوطة بكل من حكم العقل ومقدمات الحكمة ، توضيحه : أن أداة العموم لا تدل على استيعاب جميع أفراد الطبيعة المطلقة إلّا إذا أريد بها الإطلاق ، ولما لم يكن نفس متلوّ أداة العموم دالا على هذا الإطلاق ، فلا بد في إثباته من التشبث بمقدمات الحكمة ، مثلا إذا ورد «لا تغصب» لا يمكن الحكم بحرمة جميع أفراد طبيعة الغصب إلّا بعد إثبات الإطلاق لهذه الطبيعة ، ومن المعلوم أن المتكفل له هو مقدمات الحكمة ، فبها نحكم بأن المراد به الطبيعة المطلقة ، إذ لو كان المراد به الطبيعة المقيدة بزمان كيوم الجمعة أو زمانيّ كالفقر والغنى والسفر والحضر وغيرها من الحالات والطوارئ كان على المتكلم بيانه.
والحاصل : أن الحكم بحرمة جميع أفراد الغصب منوط بإطلاق متلوّ أداة العموم ، وقد عرفت توقفه على مقدمات الحكمة ، وبعد جريانها فيه يكون المنفي أو المنهي عنه الطبيعة غير المقيدة ، ومن المعلوم أن العقل يحكم حينئذ بلزوم استيعاب جميع أفراد طبيعة في كل زمان وحال ، فاستفادة العموم لجميع الافراد منوطة أولا بإطلاق متلو أداة العموم ، وثانياً بحكم العقل المتقدم ، فلو لم تكن الطبيعة مطلقة بأن كانت مهملة أو مقيدة لا يدل النفي والنهي على استيعاب جميع أفرادها ، بل بعضها الّذي أريد منها ، كما لا يخفى.
(٢) الضمير للشأن ، وغرضه من هذه العبارة : دفع المنافاة بين وضع النفي