هذا القسم (١) انما يكون (٢) نهياً عن العبادة ، بمعنى أنه لو كان مأموراً به كان الأمر به أمر عبادة لا يسقط إلّا بقصد القربة (*) فافهم.
______________________________________________________
محالا كما اعترف به بقوله : «وهو محال» فيسقط البحث عن النهي في العبادة رأساً ، لأن العبادة الفعلية غير الذاتيّة المتقومة بقصد الأمر منوطة بالأمر ، فكيف يتعلق به النهي إذا كان اجتماع الأمر والنهي محالا.
(١) وهو العبادة غير الذاتيّة المتقومة عباديتها بقصد القربة.
(٢) هذا دفع التوهم المزبور ، وحاصله : أن المراد بالعبادة فيما يمكن تعلق النهي به هو العبادة التقديرية ، وهي ما لو أمر به لكان عبادة ، لا العبادة الفعلية التي تكون مأموراً بها فعلا ، كما تقدم هذا المعنى في صدر المسألة.
__________________
(*) ينبغي أن يقال : ان النهي الإرشادي يدل على الفساد مطلقاً وان كان المنهي عنه معاملة ، لدلالته حينئذ على المانعية ، فإذا قال : «لا تصل فيما لا يؤكل لحمه» أو «لا تصل متكتفاً» وما أشبه ذلك كان هذا النهي ظاهراً في المانعية. وكذا في المعاملات ، كالنهي عن بيع الغرر ، ومن المعلوم : أن الصحة لا تجتمع مع المانع ، وإلّا لم يكن مانعاً ، وهذا خلف. فاستدلالهم بهذه النواهي على الفساد ليس من جهة وضع النهي له ، ولا من جهة الملازمة بين الحرمة ـ التي هي معنى النهي المولوي ـ وبين الفساد ، لعدم الملازمة بينهما في المعاملات إذ لا تنافي بين المبغوضية الناشئة عن النهي وبين تحقق مضامينها سواء كانت بالمعنى الأخص أم غيرها ، كغسل الثوب والبدن عن النجاسة الخبثية ، فان الطهارة تحصل وان وقعت على وجه مبغوض ، كالغسل بالماء المغصوب ، إذ لا يعتبر فيها قصد القربة حتى لا يتمشى فيما هو مبغوض للشارع ومبعد للعبد عن ساحة مولاه.