فضلا عن الغائبين لإحاطته بالموجود في الحال والموجود في الاستقبال فاسد (١) ، ضرورة أن إحاطته تعالى لا توجب صلاحية المعدوم بل الغائب للخطاب ، وعدم صحة المخاطبة معهما لقصورهما لا يوجب نقصاً في ناحيته تعالى ، كما لا يخفى. كما أن (٢)
______________________________________________________
توضيح هذا التوهم : أن عدم صحة توجيه الخطاب الحقيقي إلى الغائبين والمعدومين يختص بما إذا كان المتكلم غير الله سبحانه وتعالى. وأما إذا كان هو الباري عزوجل فلا بأس به ، ويصح منه خطاب المعدوم حقيقة ، حيث انه جل وعلا محيط بالموجودات في الحال والموجودات في الاستقبال ، لتساوي نسبة الممكنات إليه تعالى. ويؤيد ذلك قوله عزوجل : «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ» فالكل في عرض واحد مشهود لديه جل شأنه ، فيصح خطابه للمعدوم كما يصح للموجود.
(١) خبر «وتوهم» ودفع له ، وحاصله : أن محل الكلام خطاب المكلفين بوجودهم الزماني الجسماني ، لا بوجودهم المثالي أو العقلي ، حيث ان التكليف المشروط بالاختيار القابل للإطاعة والعصيان لا يتوجه الا إلى الموجود المختار القابل للإطاعة والمعصية ، فالمعدوم قاصر وغير قابل لتوجيه الخطاب الحقيقي إليه ، فالقصور في ناحيته ، لا في ناحية المخاطِب ـ بالكسر ـ حتى يقال : انه تعالى محيط بالموجود والمعدوم على نهج واحد ، ويصح له خطاب المعدوم ، فان إحاطته تعالى بهما لا توجب قابلية المعدوم للخطاب ، ولا ترفع قصوره.
كما أن قصوره لا يوجب نقصاً في ناحيته تبارك وتعالى ، نظير امتناع اجتماع الضدين ، فان امتناعه لا يوجب نقصاً في قدرته عزّ اسمه ، كما أن قدرته الكاملة وإحاطته التامة لا توجب قابلية الضدين للاجتماع.
(٢) يعني : كما أن إحاطته تعالى بالمعدوم لا توجب صلاحيته للخطاب الحقيقي